البُكاء من خشية الله !

يُعتبر البُكاء من صفاتالإنسان كالفرَح والضَّحِك و الحُزن, والحُب والحِقد, و قد ورَد الكثير منها في القرآن الكريم , قال تعالى:( وأنّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى )النَّجم , وقال تعالى:( إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا* إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا )المعارج.والبكاء من مظاهر انفعال النفْس البشرية , وهو نِعمة من َالله على الإنسان, و دليل تأثّرِ القلب و الجوارح بالمؤَثِّرات الأخرى! فالقلوب منها:قاسية كالحَجَر, و منها: ليِّنة تتأثر بالأحداث و القَدَر. قال تعالى:( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ) الحديد.و البكاء يفرِّغ مشاعر الفرَح و السّرور, أوِ الحُزن و الهموم؛ فتسيلُ الدموع الجيَّاشة الحَرَّى منَ المدامع؛و هذا يخَفِّف بإذْن الله منَ الأمراض النفْسية بتنفيس الغموم عنِ النفوس, فتَخَفِّف أفراح الإنسان و أتراحه, فخروج السوائل منَ الجوارح و انقباض عضلات الجسم و تمدُّدِها يزيد الجسم قوّة ونشاطا.لا سيَّما أن الأمراض النفْسية أشدّ خطَرا على الإنسان. نِعَم كثيرة لا تعَدّ و لا تُحصَى يجِفُّ المِداد عن ذِكْرِها , و يعْجِز اللسان و كلمات البيان عن و صْفها! و لكنَّك:أُخَيَّ! أُخَيَّ! ترى فئة منَ الناس ذكورا أو إناثا , كبَارا في السن أو شبابا يَبكون, و ليس فيهم جروح , و لا جِراح , ولا مصائب ولا عاهات فيبكِي الآخرون لِبكائهم! يبْكِي البعض منفردًا لا يراه إلا الله! فما الذي جَعل عيونُهم تفِيض من الدمع, و لها بَرِيق في المحاجر؟! و ما الذي حرَّك جوارحهم و مشاعرهم؟!إنَّه حُبُّ الله تعالى, و شدة خوفِهم من عقابه,والبكاء من خشية الله أصدق بكاء تبكِيه النفوس، وأقوى مترجم للقلوب الخائفة.فقَدْ أثنى الله على البَكَّائين من خشيته ,فقال تعالى:(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا* وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً* وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَان يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ),الإسراء.

9