إلى ماجد القطري وقومه ..

منيف الخشيبان

الكذب ليس حلاً يا ماجد لكنه المتنفس الوحيد لك ولأمثالك في دولة لا تنعم في سُبات ويحبس أنفاسها هاجس الانقلابات ، ولا تأمن على ظهرها من غدر يديها، فصارت تهرب من واقعها إلى واقع آخر رسمته لنفسها، مدجج بأعتى آلات تفريخ الزيف والوهم، حتى صار الكذب فيها لغة الأسياد وسلعة العبيد، فها أنت تتجرأ على الحقائق الدامغة بأعجوبة وتعرضها معكوسة ومقلوبة، وكأنك تكذب لتدلّ الناس على الحقيقة كما تدل البعرة على البعير، وما أنت إلا عود من حزمة تنشط هذه الأيام لنشر الدجل والتدليس لغايات يتورع عنها إبليس، ولكن لاتزال الحقائق عارية يا ماجد، لا أنت ولا الذين من خلفك تستطيعون حجبها وإن اجتمعتوا لها، فالعالم اليوم كما ترى أصبح أكثر وعياً وإدراكاً منكم، ولن تجدوا من هو أكثر منكم حماقة ليصدق أباطيلكم أو يقبل بها، العالم اليوم لا ينظر للأحداث ضمن القالب الذي يقدمه إعلامكم المفضوح، بل يبحث ويحلل فيما وراء كل حدث وخبر، ولا شيء يغري اليوم بتقفي أثر الحقيقة مثل الإرهاب ، الإرهاب هو الحقيقة الوحيدة التي لم ولن تجدوا لها ثياباً/كذباً على مقاسها وما زالت عارية وستبقى، حتى وإن هبّت الراقصة ومن دون أن يراودها أحد عن نفسها بمخاصرة الغرباء والارتماء في أحضان الأعداء، والسخرية والتهكم على جيرانها، في سبيل أن تصبح “أي شيء آخر” إلا أن تكون هي، ولا يهمها أن تكون محتشمة ومحترمة في عيون أهلها والناس بقدر ما تسعى إلى إحداث أيّ فرقعة في الوجود لتشدّ انتباه العالم إليها، والظهور بمظهر الستّ اللطيفة والمنفتحة، فتجدها لا تفوّت شاردة ولا واردة في كل أصقاع الأرض إلاّ وتلقفتها بكل صفاقة وحماقة، ولازالت تبحث لنفسها عن مخرج، ولا أدري من الذي أوهمها بأن الدهاء والخبث السياسي يكمن في لفائف مخها، ويملأ مواسير الصرف الصحي المتشابكة في رأسها، تغذّي الإرهاب وجرائم الإنسانية وتغيث فقراء زيمبابوي والنيجر، تزرع الفتن بين الدول، وتزرع البطاطس في الصومال، تموّل الميليشيات الانقلابية والتنظيمات المحظورة، وتشارك في التحالف ضد الإرهاب، تُشيّد أكبر الكنائس على أرضها، وتبني المساجد في بوركينا فاسو ومالطا، تأوي المتطرفين والخارجين عن القانون، وتقيم المؤتمرات المناهضة للتطرف .. والكلام هنا يطول .. أما أنت أيها المسكين .. فلم يعد بيدك قرار، اكذب على قومك كما يكذبون عليك وتظاهر بتصديقهم كما يتظاهرون بتصديقك، وادفعوا عن أنفسكم تهمة الاقتراب من الحقيقة كي لا تُشنقون بخيوطها..

منيف الخشيبان

17