لوحة الرسامين توشك على السقوط

عبدالرزاق سليمان 2جميل أن تشترك الأقلام بمبدأ التعاون لتوحيد الاتجاه والعمل في ذات المسار لأنه وبلا شك ستحقق النتيجة بأقل جهد وأقصر طريق وستظهر اللوحة بجاذبية منقطعة النظير .
وكم كانت بداية الرسمة جميلة حينما تصدى لها عدد من الرسامين وبدأ كل رسام يضع ألوانه المحببة له في طرف من اللوحة حتى شاهدنا أجمل تجمّع لألوان الطيف في مكان واحد .
لم يتوقف كل رسام عن استخدام ألوانه وتحول الأمر إلى محاولة كل رسام أن تكون ألوانه هي الأكثر والأميز والأبرز في اللوحة حتى ولو كان على حساب لون آخر , فتحول كل رسام إلى ملوّن فقط لأنه لم تعد اللوحة تتسع لرسمات إضافية , فصار همه تكثير مساحة لونه ولو تجاوز مكانه المخصص له ودخل على مساحة صاحبه ووضع لونه على لون الطرف الآخر .
كيف سيكون وضع اللوحة بعد كل ذلك الشغب التلويني , ضجيج في الألوان , وتداخل في الأشكال وفقدان لهوية اللوحة المعد له أساساً وضياع للرسمة التي اتفق جميع الرسامين على تشكيلها وتأديتها .
أليس من الخطأ اضطراب الألوان حتى أزعجت الناظر والمتابع , وهل الخطأ في الألوان نفسها أم الخطأ في الرسام , المواد الخام المستعملة في الألوان لا تصلح لتلوين رسمة مشتركة فبينها نفور , لأن كل لون من تلك الألوان متشبع بالدهون المضافة إليه , وبالتالي فبمجرد اختلاطه مع لون آخر تتضارب وتتداخل نتائج تلك الألوان وتقدم لوناً مشاكساً لا يقبله ذوق ولا تسعد به عين .
ومن الصعب في هذه الحالة فرز الألوان وإبعاد كل لون منها عن الآخر وإرجاعه إلى مكانه الطبيعي لتعود الرسمة لشكلها المخطط له , ويمكن القول أن الرسامين فشلوا في تقديم أنفسهم كما فشلوا في ضم مجموعة ألوان إلى بعضها البعض , فتكتلات الألوان لا يمكن أن تؤدي لرسمة جميلة , لا سيما إن كانت التكتلات حول ألوان متنافرة أصلاً ولم تجتمع إلا للقضاء على لون من الألوان الغير رئيسة في ألوان الطيف .
والحل الأقرب لتحقيق النتيجة الإيجابية هو الأصعب تطبيقاً وهو إزاحة اللوحة بكاملها وإحضار لوحة جديدة والتخلص من جميع الرسامين والبحث عن مواد جديدة لتلوين الرسمة ذات تاريخ إنتاج جديد لم تؤثر فيها عوامل التعرية .

11