التهديد بالقانون !

ضجت الساحة الرياضية في الأيام القليلة الماضية بقيام رئيس نادي النصر الأمير فيصل بن تركي بتوجيه إنذار أخير لإتحاد كرة القدم السعودي بسحب الثقة وإسقاطه عن طريق الجمعية العمومية مالم يعمل على تحسين عمل لجانه.
ولحداثة التجربة الانتخابية في الوسط الرياضي، حُمل هذا التصريح ما لا يحتمل. فضجت بعض الحناجر بالتنديد، وتعالت الاصوات المطالبة بإيقاع عقوبات على رئيس نادي النصر، ظناً منهم بأن التهديد بسحب الثقة وإسقاط الإتحاد عن طريق الجمعية العمومية يعتبر من التهديد المجرم والمعاقب عليه قانوناً.
أقول أن حداثة التجربة الانتخابية أحدثت مثل هذا اللغط، لأن التهديد بسحب الثقة يعتبر من البديهيات المتعارف عليها، والتي يتم تداولها بكثرة تحت قبة البرلمانات وداخل أروقة الجميعات العمومية. والشواهد على ذلك كثيرة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، ما قام به مجدي الخليفي أمين عام النادي الافريقي عندما طالب بشطب جهاز التحكيم مدى الحياة، وذكر بأنه اذا لم تستجب الجامعة (اتحاد الكرة) لذلك الطلب، سيعمل على سحب ثقتهم منها خاصة ان عدة اندية عبرت عن استعدادها لتبني هذا الخيار طالما انها عاجزة عن اصلاح قطاع التحكيم. وما قام به 48 نائباً في البرلمان الاردني عندما أمهلوا الحكومة أسبوعا واحدا للتراجع عن قرارها على خلفية قرار رفع أسعار الكهرباء، فجاء على لسان احد النواب: “سنقوم بطرح الثقة عن الوزير الذي ضلل الحكومة والنواب أولا وإذا استمر القرار فسنعمل على طرح الثقة عن الحكومة برمتها”. وما قام به كاظم الصيادي، النائب عن ائتلاف دولة القانون في العراق الذي طالب رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بالاسراع بتخويلهم بتشكيل حكومة وتسمية رئيس للوزراء، وأكد بانه في حالة عدم الاستجابة لمطالبه فإنه سيطالب بسحب الثقة من رئيس الحكومة المكلف. وما قام به أيضاً مجلس النواب اليمني في احدى جلساته عندما هدد بسحب الثقة عن وزراء في حكومة الوفاق الوطني في حال تغيبوا عن احدى الجلسات التي ستناقش أزمة المشتقات النفطية. وكذلك فعل المجلس الوطني الانتقالي الليبي، إذ قام بتهديد الحكومة بسحب الثقة منها قبل انتهاء مدتها المقررة بسبب فشلها في حل الملفات العالقة.
فالتهديد باستخدام حق قانوني كفله النظام، لا يعتبر تهديداً مخالف للقانون.
وقد ذكر فقهاء القانون بأن الشخص اذا قام باستعمال حق مشروع، فلا نكون أمام جريمة تهديد؛ كأن ينذر الشخص آخر برفع دعوى قضائية عليه لاسترداد دينه إذا لم يدفعه خلال فترة محددة، او ان يشكوه إلى الجهة المختصة او الجهة الادارية التي يتبع لها. أو أن ينذر رئيساً مرؤوسه بالخصم من مرتبة في حالة تأخره عن الحضور في الوقت المحدد، او في حالة تغيبه عن العمل. فكل هذا لا يعتبر تهديداً بالمعنى القانوني المجرم، بل هو عبارة عن إنذار لا أقل ولا اكثر، ولا يرتب أي عقوبات قانونية.
اما التهديد (الغير مشروع) فيكون باستخدام وسيلة مشروعة او غير مشروعة للوصول إلى غاية غير مشروعة، كتهديد الدائن مدينه التاجر المتوقف عن الدفع بشهر إفلاسه، او كتهديد الشخص بالايذاء اذا امتنع عن ابرام تصرف معين.
وإذا كانت وسيلة التهديد (مشروعة)، والهدف او الغاية المراد تحقيقها ايضاً (مشروعة)، فلا نكون بصدد مخالفة قانونية، بل استخدام حق مشروع، ولا يمكن بأي حال من الاحوال إنزال عقوبات على مرتكب هذا الفعل.

جابر سعد.
قانوني مهتم في لوائح وأنظمة كرة القدم.
تويتر: @jabers20

9