أصبحت الكورة لعبة اجتماعية ترفيهية، وقد لا تقتصر في متابعتها على فئة محددة، ويخطيء من يحصرها على فئة يُظن بإنها لا تحمل الهم الجمعي، إذ لا يوجد مجتمع متقدم معاصر إلا ولديه من المناشط الشعبية ما يصل حد الهوس ولم يمنعها من الترقي.
إن ما دعاني لكتابة هذه السطور البسيطة هو نوع من تجاوز الترف الرياضي، إلى الهوامش الرياضية التي تحولت إلى سمة يمكن قياسها على كل السجالات الإعلامية الخاصة بالتنمية والشأن العام.
طبعا الحوارات الرياضية كغيرها من النقاشات منها ما يتحول إلى الجدل، والتمترس خلف وجهة النظر لا لإيصال الفكرة محل النقاش بعمق وحياد، طبعا الحياد أمره صعب في المجتمعات التي تقدس الرموز قبل التقدير الذاتي وهو الأبدأ، ومنها ما يحترم نفسه ويمتلك شيئا يمكن أن يقدمه بديلا لوقت المشاهد الذي أنفقه في المتابعة والمشاهدة.
هناك الكثير من البرامج الرياضية فيها من الأسفاف والاستخفاف والسطحية ما فيها، وتنتشر فيها مصطلحات ( يابوي الدنيا خربانه !!) وماعلينا .. ! ، ما عليك رح للمدرج ولا تشغل المساحة الإعلامية بالأكشنة والهبوط اللغوي والفكري، وهذه النوعية من البرامج استقطبت بسطاء الفكر والقيمة عمدا لإشغال العامة!
والدليل على التمايز القيمي في الإعلام اليوم، وبما أن الحديث رياضي، فإننا لا يمكن أن نتجاوز برنامج روتانا الرياضي بإدارة حوارية استطاعة أن تستمر على خط التوسط بين الذميمين لتنجوا بنفسها تقديرا.
وعلى هامش كأس آسيا وخروج الأخضر، وفشل المؤسسة الرياضية السعودية وترهلها يدور في هذه اليالي سجال رياضي في كورة أبطاله عبدالعزيز السويد وطارق التويجري حول التدخلات في اختيارات عناصر المنتخب السعودي وما يدور حولها من لغط، إذ يحسب للأثنين ومع كل هذا الاختلاف محافظتهما على الهدوء وهذا يسجل لهما مهما كانت قوة الحجة من ضعفها، صحيح أن التويجري يوسم بالمثالية لكنه قد يكون فقد شئيا من هذا لحساسية الموضوح محل النقاش، واستمر السويد في تقديم النموذج الإعلامي الذي يقّعد الفكرة ويؤصلها، من خلال خط تحليلي يبدأ بنقطة أولية ثم يتدرج حتى الوصول للخلل.
مال التويجري للنقاش الطلابي، وطلب الإجابات الجاهزة بنعم أو لا ، إذ يصر على ذكر الأسماء والأشخاص، وهذا انحراف واضح للشخصنة وتقزيم فكرة التدخلات المتداولة، متبرما على حد قولة من التغذية السلبية، وهنا أدخل هذه المقولة تحكما، في التغذية السلبية وربطها بإفرازات نظرية المظلومية والمؤامرة وهو قول ليس في مكانة، وقد عانا من هذا الطرح الفكر العربي بمجملة للابتعاد عن حقيقة أي فكرة كيد للآخر، وهذي هي التغذية السلبية، وقدم السويد فكرته بناءً على شواهد حية وتصريحات أنطلقت من أُناس كان يُعتقد بإنهم آخر من سيتحدث عن التدخلات، ولكنهم تحدثوا علانية، وساق القرائن التي تدعم فكرة التدخلات من خلال تكرارها لفترات طويلة، ثم انتهى برأيه الشخصي وحكمة على نوعية العناصر المختارة، وإلى هذا الحد ينتهي دوره كمحلل للمشهد، وقارئ للواقع ومن ثم ويترك للمتلقي معرفة من هو المستفيد من التدخلات التي تحقق أهدافه بنجاح، وإن أسقطت الآخضر في الفشل الذي يعيد نفسه بالطريقة ذاتها.
ومع كل التجاذبات والمقاربات التي ساقوها إلا أننا يجب أن نشيد بهذا النوع من الطرح وعلى كافة المستويات، وللمتلقي الحكم.
طالب الشريم
taleb1423@