السعيد يكتب… ضاعت هوية المنتخب السعودي وخابت آمال محبيه

غادر المنتخب السعودي بطولة العرب دون أن يترك الأثر اللائق باسمه وتاريخه، مُنسحبًا من المنافسة بخيبة أمل، وهو مشهد أعاد طرح التساؤل القديم المتجدد: هل نشارك في البطولات بهدف المنافسة الحقيقية أم لمجرد خوض التجربة؟

الحقيقة التي يجب قولها بوضوح هي أن ما حدث لم يكن مفاجئًا، بل كان نتيجة طبيعية لاختيارات فنية وإدارية افتقرت إلى الوضوح منذ البداية. فالمشاركة بمنتخب يغلب عليه الطابع الشبابي، مع محدودية الإعداد وضعف الانسجام، جعلت من الصعب مجاراة المنتخبات العربية التي حضرت بكامل جاهزيتها، وتعاملت مع البطولة كفرصة للفوز باللقب وليس كمجرد مساحة للتجريب.

فنيًا، ارتكب الفريق أخطاء متكررة داخل الملعب، تمثلت في تمركز دفاعي غير منضبط، وبطء في التحولات، وإهدار لفرص كانت كفيلة بتغيير مسار المباريات. لكن الأخطر من ذلك، كان غياب القائد القادر على إدارة اللحظات الصعبة؛ إذ بدا التأثر واضحًا عند أول تعثر، مما أدى إلى تراجع الأداء والثقة.

تكمن الإشكالية الأبرز غالبًا في غموض الهدف من المشاركة. فعندما تغيب الرؤية الواضحة، يتيه اللاعب بين تعليمات متضاربة، ويقف الجمهور محتارًا بين قبول الهزيمة كـ
“تجربة” أو رفضها لعدم تناسبها مع سمعة المنتخب. كرة القدم لا تحتمل الحلول الوسطية؛ إما أن يكون الهدف المنافسة الصريحة، أو الإعلان الواضح عن هدف البناء مع تقبّل كافة التبعات المترتبة على ذلك.

ولا يمكن إغفال قوة المنافسين، الذين تفوقوا ليس فقط بالأسماء، بل بالحضور الذهني والانضباط التكتيكي، وهي عناصر تصنع الفارق في البطولات القصيرة التي لا تحتمل الأخطاء.

لا ينبغي النظر إلى الخروج من بطولة العرب على أنه مجرد نتيجة عابرة، بل يجب اعتباره رسالة واضحة تقتضي إعادة تقييم طريقة المشاركة في مثل هذه الاستحقاقات. فالتجارب لا تعني التنازل، والبناء لا يتعارض مع الطموح، شريطة أن يتوفر التخطيط السليم، وأن يكون الهدف واضحًا، وأن تكون المسؤولية مشتركة.

وهناك عدة أسباب أدت إلى تدني مستوى المنتخب السعودي، منها ما يلي:

  • ضعف الاستعداد الفني، حيث أن الإعداد لم يكن بالمستوى المطلوب مقارنة بمنتخبات حضرت بفرقها الأولى أو شبه الأولى.
  • قلة الانسجام بين اللاعبين بسبب محدودية المعسكرات والمباريات الودية المؤثرة.
  • الاعتماد على عناصر شابة بلا خبرة كافية.
  • تم إشراك منتخب رديف/شبابي إلى حد كبير.
  • نقص الخبرة الدولية ظهر بوضوح في إدارة المباريات الحاسمة واللحظات الضاغطة.
  • أثبت المدرب إخفاقه في العديد من البطولات، وكأن الساحة تخلو من أي مدرب سواه.
  • نتمنى إجراء تغيير شامل وإعادة تقييم شاملة للأسماء التي تحتكر المناصب في جميع الاتحادات، واستبدالهم بخبرات وقدرات رياضية تستطيع إعادة مسيرتنا الرياضية إلى سابق عهدها المزدهر.

في النهاية، يبقى المنتخب السعودي أكبر من خسارة بطولة، لكنه في الوقت ذاته أكبر من أن يشارك بلا هوية. وما بين الطموح والواقع، تبقى كرة القدم مرآة صادقة لا تجامل أحدًا.

50