من الذي جاءَ اولاً؟

خالد الشنيفتاه علماء الفلسفة القدماء في سؤال (من الذي جاء أولاً الدجاجة ام البيضة؟) وكانت إجابة هذا السؤال أحد أكبر التحديات أمامهم, نشأ منه عدة أسئلة حتى وصلوا إلى السؤال الأكثر غموضاً وتعقيداً: (كيف نشأت الحياة؟) وشكّلت آنذاك معضلة سببية, والتسبيب هو موضوع فلسفي يوضح العلاقة بين حدث يسمى السبب وحدث آخر يسمى الأثر بحيث يكون الحدث الثاني نتيجةً للحدث الأول وهذا السؤال يقودني إلى سؤال هام في مجتمعنا المعاصر :
من الذي جاء أولاً.. التعصب أم الرياضة؟
إن كثير من رجالات الثقافة والطب والاقتصاد والسياسة يرون الرياضة هي من غير شبابنا لفتيان وفتيات متعصبين لأنديتهم وأن الرياضة مضيعةً للوقت بل ذهبوا لأبعد من ذلك فجعلوا من الرياضة سبب رئيس لنزع الاخلاقيات والآداب وفقد العلاقات الاجتماعية ومسبب رئيس للأمراض المزمنة وارتكزوا في اثبات وجهة نظرهم على كثيرٍ من الأحداث.
منها ما حدث لذلك المشجع الذي يحمل على صدره شعار ناديه المفضل حين جلس في المدرج بين جماهير النادي المنافس له وكيف كالوا له سباً وشتماً وضرباً وكأنه ثاكل أمهاتهم لا لسبب إلا لأنه ينتمي للنادي المنافس لهم, وكذلك حادثة ارتفاع ضغط أحد المشجعين نتيجة حماسته مع المباراة مما أدى لوفاته رحمه الله, وذلك الطفل الصغير الذي رفض طلب معلمه بأن يقرأ (سورة النصر) لأن نادي (النصر) هزم فريقه ناهيك عن ما يرونه في ردود الرياضيين على النقاد في وسائل التواصل الاجتماعي من ألفاظٍ يخجل منها لسان كاتبها, وغير ذلك من الأحداث التي لم يعهدها مجتمعنا سابقاً.
أما صانعو الرياضة فإنهم يجيبون عن السؤال الفلسفي بأن التعصب أتى أولاً وأننا شعب جُبل غالبيته على التعصب في شتى مناحي الحياة من تعصب قَبَلي ومناطقي ومذهبي, فذلك الشاب الذي ارتبط بفتاة أحلامه وعاشا في جنة بيتهما كيف فرقهم شيخ القبيلة لأنه لا يرى قبيلة الشاب كفئاً لقبيلته, وتلك المعلمة حاملة الدرجة المتدنية ابنة مدينة المسئول كيف أصبحت تعمل في مدرسة بجانب بيتها في حين أن زميلتها ابنة (الغفير) المتميزة علمياً تخرج من بيتها كل يوم قبل صياح الديك لتلحق بمدرستها في الهجرة النائية, وكلنا ضاق ذرعاً من تلك التفجيرات التي غزت المساجد واحرقت الآمنين و راح ضحيتها الكثير من الأرواح البريئة.
إن الرياضيون يرون في الرياضة أعظم رسالة يقدم الوطن من خلالها هويته للأمم, وما تزاحم رؤساء الدول العظمى في قرعة استضافة بطولة كأس العالم إلا لإيمانهم بأن الرياضة تنهض بمُقدّراتهم الاقتصادية وسبيلاً لتغيير الصورة النمطية عن بلدانهم.
أما أنت عزيز القارئ فمن ترى أتى أولاً التعصب أم الرياضة؟

11