ولا من شاف ولا من درى

سلطان الزايديأيَّ نجم كرة قدمٍ في كرتنا عندما تسأله عن المنتخب يردُّ بالإجابة المعتادة التي نسمعها منذ أن وجِد المنتخب السعودي، (الكل يتمنَّى خدمة الوطن، وهذا شرفٌ لا يضاهيه شرف)، وربَّما أنا كمتابعٍ أشعر بصدق هذه الجملة في سنواتٍ مضت، أمَّا اليوم، فالواقع لا يمنحني ذات الشعور، إذ تحدث بعض الأفعال التي تجعلني أتحفَّظ نوعاً ما على بعض قائليها، رغم أنَّ الظروف تختلف بين الأجيال، فالجيل السابق كما نسمع ممَّن عاشوا فترة تألُّق المنتخب وإنجازاته، يتكلَّمون بعاطفةٍ حقيقيّةٍ تجاه المنتخب، فعلى سبيل المثال: يقول أسطورة كرة القدم العربية (ماجد عبد الله) – وهو الذي لازم المنتخب منذ أن بزغ نجمه حتى اعتزل الكرة نهائياً-: “كنتُ أعرف أنَّني ضمن القائمة المختارة للمنتخب، لكن لم يكن يهنأ لي بالٌ حتى يذكر مقدِّم النشرة الإخباريَّة اسمي ضمن القائمة المختارة للمنتخب، وهذا يدلُّ على أنَّ الذهاب للمنتخب، وخدمة الوطن من خلاله كان له قيمةٌ عاليةٌ عند كلِّ مَن كان يقع عليهم الاختيار، بمعنى أنَّها ثقافة جيلٍ بأكمله، يشعر بواجبه تجاه وطنه، لهذا لم نكن نلاحظ أو نشعر بأيِّ تجاوزاتٍ انضباطيَّةٍ، كالتي لاحظناها في السنوات الأخيرة..!!

والحقيقة التي أخشى من ذكرها هنا، وأجد نفسي متحفِّظاً تجاه ذكرها، هي (الرغبة وصدق المشاعر تجاه عملٍ وطنيٍّ) حتى وإن كان في مجالٍ يغلب عليه الترويح، إلا أنَّه مجالٌ مهمٌّ ضمن مجالات الحياة المهمَّة لما يضفيه من تميِّزٍ للدولة، وعنوانٍ حقيقيٍّ لتطورها ونموّها الحضاري.

وإن كان ما أعتقده صحيحاً، فمن الضروري البحث عن الأسباب، فالحسُّ الوطني لا يمكن أن يكون غائباً في جيل اليوم، وربما يختلف عن الأجيال السابقة، لكن من الصعب تجريدهم من هذا الإحساس لأسبابٍ كثيرةٍ، يبرز أهمها أنَّهم مواطنون في المقام الأول، عاشوا وترعرعوا في كنف هذه الدولة العظيمة، ومن الطبيعي أن يكون الحسُّ الوطني سمةً بارزةً في حياتهم.

إذاً السؤال الأكثر واقعيةً هو: مع كلِّ مشاركةٍ وطنيَّةٍ للمنتخب السعودي الأول لماذا تظهر بعض التجاوزات الانضباطية، التي تقود لانطباعٍ غير جيد في مسألة الشعور بالواجب الوطني؟

لا أفهم ماذا يحدث، ولماذا وصلت إلى هذا الشعور؟ لكنَّ إحساس المجتمع ببعض التصرّفات التي يكون الوطن طرفاً فيها، لا يمكن بأيِّ حالٍ من الأحوال أن يكون التفسير إيجابياً متى ما كان التصرف غير جيد.

ففي فترةٍ سابقةٍ استُدعي لاعبان للمنتخب، واستُبعدوا لأسبابٍ انضباطيةٍ وصحيةٍ، الانضباطية تكمن في الالتزام بموعد الحضور وتجمّع اللاعبين، وانتظامهم في أداء التمارين، ومَن يخالف أو يتقاعس عن أداء دوره يُعتبر غير انضباطيٍّ، حسب أنظمة إدارة المنتخب، و(متخاذلاً) وفق نظرة المجتمع، ويحقُّ لأفراد المجتمع أن يقولوا ما يشاؤون عندما يتيقَّنون من عدم انضباطه، فالقاعدة الوطنية تقول: (يذهبُ كلُّ شيءٍ ويبقى الوطن).

إنَّ كلَّ مَن تعاقبوا على إدارات المنتخب لم يسبق لأحدٍ منهم أن تعاطى مع الشأن التنظيمي للمنتخب، بشكلٍ جديٍّ أو رسميٍّ أمام وسائل الإعلام، فالشارع الرياضيُّ السعودي يحقُّ له أن يعرف ويفهم التنظيمات واللوائح المتبعة في إدارة المنتخب السعودي، حتى لا يُترك الأمر للميول، (هذا اللاعب لا يُعاقب لأنَّه أزرق الهوى أو أصفره).

وليد عبد الله يتأخَّر يومين عن الانضمام للمنتخب، دون أن يصدر من إدارة المنتخب أيَّ بيانٍ توضيحي بأسماء الملتحقين بالمنتخب والمتأخرين مع توضيح أسباب التأخُّر، وتشاء الأقدار أن تظهر الحقيقة، ويجتمع “وليد عبد الله” في نفس رحلة الخطوط الجويَّة، التي تواجد عليها الصحافي الذي نشر الخبر، ليتحول الأمر بسبب إهمال إدارة المنتخب إلى قضيةٍ يتناقلها المغرِّدون بكلِّ صفاتهم من جمهورٍ وإعلاميين ومسؤولين، ليظهر السؤال القضية: لماذا تكتَّمتم عن تأخّر “وليد عبد الله”، وأعلنتم استبعاد “عبد الله العنزي” من قائمة المنتخب، رغم أنَّ الحالتين متطابقتان انضباطيّاً؟ وهي عدم الالتزام بموعد الحضور المحدد!!، رغم أنَّ الثاني قدَّم أسباباً مقنعةً عن أسباب تأخّره!!.

لا يمكن أن يُدار منتخبٌ بحجم ومكانة المنتخب السعودي بهذه الطريقة، لهذا من المهمِّ أن يسعى اتحاد الكرة بقيادة رئيس الاتحاد إلى إعادة الصيغة التنظيمية للوائح الانضباط والمكافأة والحوافز؛ حتى يظهر المنتخب السعودي بصورةٍ تنظيميةٍ جيدةٍ تتناسب مع قيمة وحجم دولةٍ متطورةٍ كالمملكة العربية السعودية.

ودمتم بخير،،،

سلطان الزايدي

zaidi161@تويتر

 

16