بودّ وجدّ

 من يتوغل في ثنايا تاريخ الكرة العربية، على أكثر من مستوى وخاصة منها التحفيزية، وعلى مر السنين، يلاحظ أن النسخة الجديدة التي جاءت تحمل مسمى”كأس العرب للأندية الأبطال”، تعتبر أكبر بطولة في تاريخ بطولات الاتحاد العربي لكرة القدم، منذ تأسيسه في العام 1980، والأضخم من حيث الجوائز المالية على مستوى قارتي آسيا وإفريقيا، إذ تم رصد مكافأة مالية قدرها 6 ملايين دولار لصاحب المركز الأول.

قد يكون الخبر الذي يبقى هو الأساس في التحليل معروفا وراسخا في أذهان الرياضيين العرب منذ الإعلان عن تفاصيل هذه النسخة الجديدة، التي أنهت اللجنة المنظمة للبطولة كافة الترتيبات لإنطلاقة منافساتها التي تستمر إلى غاية يوم 28 من شهر أبريل القادم ( 2019) والذي سيتوج فيها الفائز بلقب البطولة بمكافأة مالية يعتبر رقمها أكبر حتى من مكافآت بطولات القارتين الإفريقية والآسيوية.

وإن كان التحفيز وبمثل هذا الرقم الضخم، يعتبر مهما جدا في عالم رياضي احترافي، يتطلب الكثير من المال لدعم التنافس على الفوز بالالقاب وذلك على كل الواجهات، ومنها الانتدابات والمعسكرات والرواتب الخاصة بطواقم التدريب ، واللاعبين، وأيضا التنظيم والتنقلات والإقامات والإعاشة في الفنادق، والتشريفات وغيرها، فإن عنصرا آخر لا يقل أهمية عن التحفيز، يتمثل في المفاهيم والمعاني ذات الأبعاد الراقية وفي مقدمتها إعادة اللحمة العربية إلى الصف الواحد الذي لا غيره يستطيع تمهيد سبل نجاح المستقبل وخاصة للأجيال القادمة، بعد تشتت هذه اللحمة نسبيا في بعض الأقطار لأسباب غير رياضية، فضلا عن دعم اهتمام الشباب الرياضي العربي، الذي يبقى في أشد الحاجة إلى مثل هذه المسابقات التي تعتبر محطة بارزة لتكوين الأجيال الجديدة، واكتشاف كل نجوم العرب بشكل عام، دون الاقتصار على نجوم الأقطار فقط.

كما أنّ جمع أفضل الأندية العربية في القارتين الآسيوية والإفريقية بعودة الحياة إلى المسابقة الأبرز إقليميا، والتي ستجمع حولها كل أنظار العرب، يعتبر أيضا بمنطق التنافس علامة مضيئة ومحطة تجمع في دورة النسخة الأولى، لاعبي 15 دولة شقيقة بالتمام والكمال، فضلا عن بقية الوفود المرافقين للاّعبين، من مسيرين ومدربين وأطباء، وانصار، هذا علاوة على الحكام والإعلاميين، وبالتالي فإن الفرصة ستكون مناسبة لا للتعارف والتقارب والتشاور والتضامن وتجسيد المبادئ التي جاءت من أجلها الرياضة سواء  لا على مستوى الروح الأولمبية فقط وإنما حتى على مستوى ثوابت التغيّرات الحديثة التي يعرفها الإحتراف من تبادلات واستثمارات، باعتبار أن كرة القدم الحديثة أصبحت فعلا استثمارا واقتصادا.

وهو ما تفطن إليه الأمير تركي بن خالد الذي يعود له الفضل لعودة دوري أبطال العرب للتنظيم، من الباب الكبير، والذي بتوصيات منه أحسن الإتحاد العربي،  التخطيط للإعداد الجيد وذلك على كل الواجهات ومنها التوقيت الذي يراعي التزامات الأندية العربية في المسابقات الآسيوية والإفريقية حتى تتاثر إيجابا، ولا سلبا، من حيث التحضيرات التنافسية الجدية، وأيضا من حيث رصد امتيازات وحوافز مالية مهمة جدا، تمهد لخوض تجربة الاستثمار الحقيقي في كرة القدم العربية، وذلك عبر توفير الفرص للشباب العربي لاستغلال البعد الإقتصادي للعبة، ايضا.

كلها أهداف مهمة أدركها الأمير تركي بن خالد، ومن ورائه الإتحاد العربي لكرة القدم، ستستفيد منها الإتحادات العربية كلها وأنديتها، وخاصة منها البارزة المنخرطة في التنافس على الألقاب المحلية والإقليمية، وذلك على قدم المساواة للقارتين الإفريقية والآسيوية من حيث الحضور العادل في هذه المسابقة التي ستساهم بشكل فاعل في تطوير كرة القدم العربية، وستسقطب ولا شك الأنظار العربية وحتى غيرها من الأقاليم والقارات الأخرى.

 

10