الإعلام .. وكأس ولي العهد

سلطان الزايدي

تبقى الحقيقة هي الملاذ الوحيد لكل البشر، ويصعب معها قبول أي شيء سواها مهما كانت قوته، فالحق أحق وأبلغ أن يتبع دون سواه، بهذا نكون قد قدمنا أنفسنا بالشكل المرضي أمام الله عز جلاله ثم أمام أنفسنا ومجتمعنا حتى إن كانت هذه الحقيقة تخص جانباً ترفيهياً نتعايش معه بكل معطياته من باب الترويح والمنافسة الشريفة، ونبحث من خلاله عن أسلوب مستحسن يتعلم منه الجميع عبر منهج سهل بطريقة غير مباشرة بعض الجوانب التربوية المهمة؛ حتى نساهم في استقامة المجتمع، وليبقى صوت الخير هو الأعلى دائماً، فلو اختلفت هذه الموازين وتغيرت لتحول المجتمع إلى خراب على مستوى الأخلاق ولأصبحت القيم والمبادئ في طي النسيان، وهذا حتماً سيقود إلى فساد المجتمع، وقد نتحول لقوانين يحكمها القوي ويسقط فيها الضعيف.

لهذا أنا دائماً أركز على أن المجال الرياضي شريك مهم في صناعة مجتمع مترابط مبني على أسس تربوية نتعلم من خلاله المبادئ والقيم وأخلاق الفرسان.

كنت أتمنى أن يستغل الإعلام الرياضي بعض المناسبات الرياضية المهمة والكبيرة – كنهائي كأس ولي العهد المرتقب- في توجيه بعض الرسائل المهمة التي يكون لها تأثير إيجابي سلوكياً على المتابع الرياضي بمختلف المراحل العمرية، فهناك أمور كثيرة تحدث في محيطنا الرياضي تفرزها قوة المنافسة تحتاج من إعلامنا أن يكون حاضراً ويمارس دوره الرائد في مثل هذه القضايا لتوعية المتابع الرياضي وإرشاده. ويبرز من أهم هذه القضايا: الحد من التعصب، والالتزام بالروح الرياضية، واحترام النظام، بدل أن ينشغلوا بقضية حسين عبدالغني مع المنشطات، أو بتسجيل لاعب نصراوي بديلاً للمصاب ايوفي… وكلها أمور لا تقدم الصورة المثالية التي يجب أن يتحلى بها الإعلامي المدرك لقيمة عمله، فجل القضايا الرياضية تخضع لقوانين ولوائح وأنظمة واضحة يصعب التشكيك فيها؛ لأن موادها لا تحتاج إلى اجتهادات أو البحث عن بعض الثغرات حتى تكون مستنداً للتشكيك أو التحايل على الحقيقة من أجل مصلحة شخصية وحتى يظهر بصورة البطل أمام جمهور ناديه المفضل وهو في حقيقة الأمر يتبنى بعض الأخلاقيات غير الجيدة دون أن يشعر ويخرج بالرياضة بمفهومها الحقيقي عن مسارها الصحيح.

لن يتغير الخطاب الإعلامي الرياضي لدينا، وهناك من لا يستطيع أن يميز بين المصالح الشخصية والمصلحة العامة دون أن يدرك مدى التأثير السلبي الذي يتركه في نفس المتلقي، فليس من المنطق أن تصبح عقول المتابعين مشتتة بين صراعات التعصب الإعلامي؛ هذا يروي ما يريد والآخر يخالفه، وتتحول الحقائق إلى قضايا جدلية تختفي معها الحقيقة، وبهذا يكون الإعلامي قد سار بقلمه إلى الاتجاه المعاكس.

ومن أخطر السلوكيات التي قد يرسخها الإعلام الرياضي الحديث (الجدل)، فأصبحنا نتجادل عبر المنابر الإعلامية في حقيقة لها نص واضح وفق أنظمة معينة تطبق على الجميع، وهذا أمر مؤسف ليس له ما يبرره..! فالإثارة لها منهجها وأسلوبها الإيجابي.

يحتاج إعلامنا الرياضي أن يميز بين المهم والأهم ويضع له أولويات يحكمها الصالح العام.

*******

– أما ما يخص أجواء الديربي المنتظر؛ فمنذ أن تأهل الجارين (النصر والهلال) لنهائي كأس ولي العهد لا صوت يعلو على صوت هذا الديربي، كلٌّ يحلل حسب ميوله، ويرى الوضع المناسب لفريقه، وكيف سيدخل اللقاء، ومدى الاستفادة من كل الأدوات المتاحة حتى يكون حاضراً في لقاء مهم على بطولة غالية يسعى كلا الطرفين للحصول عليها حتى يقدمها لجماهيره.

الهلال الفريق المتمرس -وخصوصاً في هذه البطولة- يدرك جيداً أن منافسه هذه المرة على كأس البطولة مختلف تماماً عن سابقيه مهما كان محاطاً بالظروف، سواء الإيجابية منها أو السلبية، فهو منافسه التقليدي وقد رسم معه تاريخاً كبيراً لكرة القدم السعودية؛ نظراً لما يتمتعان به من قوة على كافة الأصعدة الجماهيرية والإعلامية والشرفية؛ لهذا اختلفت طقوس اللقاء بالنسبة للهلال وأصبحوا الآن مطالبين بأن يؤكدوا امتيازهم في هذه البطولة.

الهلال يعيش ظروفاً غير جيدة على المستوى الفني والإداري هذا الموسم، وهذا ما نشاهده ويركز عليه بعض الإعلاميين المهتمين بالشأن الهلالي، وهم محقون فيما ذهبوا له؛ حتى إن كان الغرض منه تخدير المعسكر النصراوي حتى يساهموا في مساعدة الفريق في تجاوز لقاء النهائي والحصول على الكأس الغالية.

في الجانب الآخر نجد الفريق النصراوي يعيش أفضل حالاته الفنية، ويقدم مع مدربه مستويات رائعة تجعل البعض يضع النصر بطلاً لهذه النسخة معتمداً على بعض المعطيات التى تميزه عن منافسه الهلال.

على الرغم من كل ما سبق يبقى لقاء النصر والهلال مختلفاً وبعيداً عن أي تكهنات، وكلا المعسكرين يعيان ذلك، وقد يختلفان في مقدرة كل منهما على مقاومة التأثير النفسي قبل المباراة، وبمجرد أن يطلق حكم المباراة صافرة البداية يصمت الجميع وتنتهي كل الأحاديث التي كانت تشغل الشارع الرياضي قبل المباراة، ويبقى الملعب هو الفيصل بين الفريقين.

بمثل هذه اللقاءات تحدث الإثارة داخل وخارج المستطيل الأخضر؛ لذلك نحن على موعد مع الإثارة، وستكون أمسية كروية كبيرة تليق بمستوى الحدث..

ودمتم بخير،،

سلطان الزايدي

Zaidi161@hotmail.com

9