“جمهور الاتحاد .. ذواق وحرَاق”

طارق السعيدللحديث عن جمهور نادي الاتحاد ذو شجون خاص, وكل من عايش إنجازاته السابقة يعرف مدى دورهم وتأثيرهم القوي في مساندة ودعم فريقها بكل قوة من خلال الحضور المبكر والمساندة طوال المباراة، وكل من عرف الاتحاد قديماً عندما يفوز الفريق تتوقف حركة المرور بسبب الكم الهائل من الجماهير الذين يجوبون شوارع جده بمواكب احتفالية في غاية الروعة .عُرف عن جماهير الاتحاد أنها كانت ولا زالت المصدر الرئيسي لقوة الفريق وتمثل اللاعب رقم (12) الذي يرهب الفرق المنافسة لكثافة العدد وقوة المؤازرة التي لا تتوقف إلا مع صافرة الحكم وإعلانه انتهاء المباراة .

وحسب ما سمعنا من قدامى الاتحاديين ومن قصاصات الصحف وبعض المنتديات , بدأ المشجع الاتحادي عبدالرحمن كاكا رحمه الله عام 1377هـ بجمع وتنظيم الجماهير لمؤازرة الفريق وبدعم من العم حمزة فتيحي رحمه الله الذي كان يقوم حينها بتجهيز أدوات التشجيع اللازمة للجمهور مثل (الطبول و الطيران والشالات) .

والتنظيم الأول الفعلي لرابطة مشجعي الاتحاد كان بقيادة محمد قاسم أوليمبيوك الذي كان يقود اتوبيس أو باص النادي الذي يحمل اللاعبين إلى ملعب الصبان وهو أول من فكر في تجميع كبار المشجعين في حارات جدة المختلفة (اليمن،المظلوم،الشام،البحر،العلوي) والتفاهم حول طرق التشجيع وأساليبه.

مع تزايد انتصارات الاتحاد بدأت كرة القدم تدخل عقول الناس في تلك الحقبة الزمنية فظهر مجموعة كبيرة من كبار مشجعي الاتحاد وهم (اسحاق ويعقوب كشميري،صالح شحبر،صالح الرداعي،عبدالعزيز الغامدي وغيرهم), وكان ظهورهم في فترة رئاسة الشيخ يوسف الطويل –رحمه الله- للنادي من عام 1385هـ حتى 1387هـ..

وبدأ دورهم ونشاطهم يتسع ويتجاوز عملية التشجيع في الملاعب الرياضية شيئاً فشيئا وكانوا يقومون بمهام داخل وخارج النادي مثل حراسة مقر النادي الموجود في العمَارية والبغدادية , وكانت لديهم مهام عديدة أُخرى منها : الإشراف على تجمع الجماهير, ومن ثم القيام بنقلهم لملعب المباراة , وكانوا أيضاً يقومون بدور همزة الوصل بين الإدارة واللاعبين وفي تلبية احتياجاتهم ونقلها للقائمين على الفريق لحل مشاكلهم . بالإضافة إلى ذلك كانوا يعملون بإخلاص ودون مقابل وإنما حباً وعشقاً في العميد.

وعندما تولى رئاسة النادي الأمير طلال بن منصور بن عبد العزيز آل سعود في الفترة الأولى من عام 1394 إلى عام 1401هـ وسمي حينها بالمنقذ, لأنه أعاد التنظيم للنادي وتم حل مشكلة الديون المتراكمة وتعاقد مع العديد من المدربين الأكفاء وأشهرهم الألماني كرامر وتم التعاقد أيضاً مع العديد من نجوم الكرة العربية والعالمية, ولم ينسى دور الجماهير التي تعتبر الداعم الرئيسي للفريق , لذا عمل على تشكيل الرابطة برئاسة عبد الله شعيب -رحمه الله- , محمد الغامدي نائباً، يحيى عبد الله أميناً للصندوق، وعضوية كل من : حميد الجحدلي، محمد باوزير، عبد الرحمن الدرعان رحمه الله ،عرفة حمدان، سالم البكري، أحمد الشقاح .

واستمرت أيضاً نفس الأسماء في عهد إدارة الشيخ إبراهيم أفندي بعد تطعيمها ببعض العناصر الفعالة مثل عبد الحميد كاكا، وكان من أهم أهداف الرابطة: الحصول على التبرعات من المشجعين وأعضاء الشرف, إهداء بطاقات العضوية الشرفية لكبار المسئولين والشخصيات الرسمية, قيادة الجمهور في المدرجات, وتأمين أدوات التشجيع. وكما هو دور العلاقات العامة في الوقت الراهن .

وخلال فترة رئاسة الدكتور عبد الفتاح ناظر- رحمه الله- في موسم 1405هـ – 1406هـ الذي أسس البنية التحتية لكل التنظيمات الحديثة لنادي الاتحاد ودخل بالنادي عصر الكمبيوتر وأسبغ عليه شكل النادي المتطور، وأُلغي مسمى رابطة المشجعين، وظل هذا المنصب شاغراً في عهد المهندس حسين لنجاوي عام ١٤٠٨هـ في انتظار وضع ضوابط ونظم جديدة للرابطة التي يريدها النادي وتواكب روح العصر، وتحقق تطلعات الجماهير الاتحادية وتلبية رغبة الإدارة وتوجهها العلمي, وخاصة بعد تطور الوعي والإدراك والذكاء والفهم لدى المشجع الاتحادي بالتشجيع بالوسائل والطرق الجديدة.

وفي الفترة الأولى من رئاسة أحمد مسعود – رحمه الله- التي كانت لمدة عام من 1411 هـ إلى 1412 هـ كان دور الأستاذان محمد بن عياد السلمي وعبد الغني الغامدي مع باقي الجماهير كبيرا في استمرار عطاء رابطة المشجعين لمؤازرة الفريق ولاسيما أثناء عدم وجود رئيس لرابطة المشجعين، وقد تم ترشيحهم مع باقي أعضاء الرابطة للأستاذ “صالح القرني” وبدعم من رئيس النادي في تلك الفترة الأستاذ أحمد عمر مسعود – رحمه الله-

وقد تم تسليم رئاسة رابطة المشجعين رسميا للأستاذ صالح القرني ابن “النزلة اليمانية” عام 1411هـ إلى يومنا هذا , وهي تعتبر وبشهادة الجميع أهم مرحلة عرفها الشارع الرياضي في التشجيع ليس فقط في السعودية بل تخطت إلى دول الخليج وباقي الدول العربية, لأن صالح تميز بقيادة الفريق إلى البطولات بصوته الشجي وبألحانه الجميلة مع باقي الجماهير المعروفين بتغيير مسار المباراة , فقد اصدر ( 6 ) البومـات غنى بها للاتحـاد وأطرب كل من سمعه , وقد كتب ولحن بعض الأهازيج الأستاذ الشاعر خالد الزيلعي .

وضمن انجازات الجماهير الاتحادية, إنشاء التراس نادي الإتحاد السعودي, وهو ( أول التراس سعودي وخليجي يدشن رسمياً ), وكان ذلك خلال رئاسة اللواء محمد بن داخل الجهني عام 2012 م , وكان برئاسة فؤاد الأحمدي , ونائبه فواز الثقفي .. والالتراس: هو مجموعة من المشجعين مستقلة بذاتها, تساند الفريق بأحدث وسائل التشجيع طيلة المباراة سواء كان رابحاً أو خاسراً, وكذلك تتنقل مع الفريق أينما حل و ارتحل و تعتمد على الابتكار و الإبداع و التعاون فيما بينها لتزيين المدرجات بأحلى حلة, وتم أيضاً إنشاء موقع خاص لهم لمن أراد أن ينضم للمجموعة .

ولوجود شعبية جارفة لنادي الاتحاد في جميع مناطق المملكة تم عمل مجلس جمهور الاتحاد في كل مدينة, والغرض من ذلك هو دعم الفريق ومساندته والتكفل بمصاريف رابطة الجمهور ومصاريف استقبال البعثة القادمة من جده ..

وهناك بعض الجماهير كانوا يساندون ويدعمون الفريق في المدرجات بطريقتهم الخاصة, ولا زال العم مشعل فرج -رحمه الله- في مخيلة كل اتحادي بلباسه الثوب الاتحادي المخطط وهو من الأسماء التي ساندت الاتحاد بكل أمانة وإخلاص .

الفنان حسين عبد المطلوب الشهير “بأبو هلال” كان أحد أفضل من غرد من مدرجات الاتحاد بصوته العليل وبموالاته التي كان يتفاعل معها كل من الجماهير واللاعبين.

ولازلت أتذكر في صغري العم عزام خير الله ( أبو ياسر ), واللاعب السابق الكابتن غازي مرزوق ( أبو طلال ), وكلاهما كانا يحرصان على تجميع أبناء الحي بعد الاستئذان من أولياء أمورهم, لاصطحابهم للملعب لمؤازرة الفريق, ويقومان أيضاً بشراء التذاكر والعصيرات, وشعارات الفريق لتوزيعها عليهم وذلك حباً في الاتحاد ..

ولا تنسى جماهير الاتحاد المشجع الاتحادي القديم العم شويل صياد اليامي – رحمه الله- وهو شاعر بالفطرة عاصر الفريق منذ القدم وقد غرَس حب الاتحاد في أبنائه .

ونتذكر العم سعد الشهري الملقب بأبو جنب – رحمه الله- أحد أشهر جماهير الاتحاد سابقاً, وأُشتهر بتعليقاته المرحة الجميلة وبعض الجماهير كانوا يحرصون على الجلوس بجانبه للاستمتاع بتعليقاته الطريفة والممتعة ..

وعلى حسب موقع “هاي كورة” في عام 2015م احتلت جماهير نادي الاتحاد المركز السادس عالمياً متقدماً على فرق عالمية كبيرة .

هذا هو جمهور نادي الوطن كما يحلوا لمحبيه تسميته, وهو يعد من أكبر وأفضل الجماهير تأثيراً في قلب النتائج ودعم فريقهم بالأهازيج الحماسية .

 

16