العالم الإقصائي

عبدالرزاق سليماننمتلك – ولا حسد – عالم إقصائي من المرتبة الأولى, همه وثقله في الحياة أن يحرك ويزحزح شيئاً عن مكانه, لا يحب البقاء للآخر ولا يعشق إلا نفسه, ولربما لو تغير كل شيء في كل عام فلن يصل إلى رضى وقناعة إلا حينما يكون هو فقط.
العالم الإقصائي يتمثل جلياً عندما يكون النقد صهوة يمتطيها فلا يترك شيئاً إلا ويستهجنه ولا يمتدح أحداً أبدا, لعله معذور فهؤلاء ليسوا من زمرته ولعله ينتظر أن يتقدم قوس قزح بلون آخر فيطلب من هذا القوس إعادة ترتيب ألوانه .
العالم الإقصائي دائماً متخفي تحت شعارات من ظاهرها جميلة جذابة وتحتها السم الزعاف والثعابين الفتاكة, فيقترب من فريسته وهي فرحة مسرورة باقتراب لون جميل يومض برقاً فتستبشر بقدومه علها أن تصيب منه شيئاً .
ولا يبرح أن يصلها لأنه سهلت له الطرق وفتحت له الأبواب ومكّن ما لم يمكن لغيره ولا يعلم الضحية إلا وهو يداهم من تحت هذا الغطاء ويؤكل على غير طريقة واضحة .
هذا العالم الحديث المتقلب في الساحات لا يأمن خطره أحد ولا يستطيع العيش معه بأمان غيره فهو حتى وإن سلم منه الكثير الآن وتوجه خطره لناحية معينة فهو ليس بمأمن من التحول وتغيير الاتجاه لأنه تسيره آراء فردية لا تخضع لفكرة واضحة .
ما يميز هذا العالم الإقصائي أنهم لا يشكرون على الجهد والتعب إلا حينما يكون الشكر يوصلهم لمذمة بعده فمثلا يقول نشكر الباذل جهده السنة الماضية لكنه أين هو الان وأين جهده وعمله هذا العام .
ولعل أبرز ما يسير عليه قاطنوا العالم الإقصائي قاعدة إن لم تكن معي فأنت ضدي وهي ما تجعلهم يتغيرون بتغير من معهم .

عبدالرزاق سليمان

9