بأية حال عدت أيها (المونديال)!!

مع حلول نسخة جديدة من كأس العالم علينا أن نتذكر معها سنوات أو عقود مرت من عمرنا شاهدنا خلالها أكثر من بطولة لهذه الكأس العالمية التي تثير حولها دائما الصخب والضجة الكبيرة والمتابعة غير العادية في شتى أصقاع العالم.

وهنا ترجع بي الذاكرة الى عمر مبكر جدا من حياتي وحينها كنت على موعد مع اول مشاهدة لمباريات كأس العالم وكان ذلك في العام1982حيث لم يكن قبلها يتواجد التلفزيون في حضرموت إبان حكم الرفاق الاشتراكيون! رغم ان الانجليز أدخلوا التلفزيون الى عدن في الستينيات! على كل حال كانت فرحتنا لا توصف خاصة وان المنتخب الكويتي كان حاضرا في تلك البطولة التي احتضنتها بلاد الاندلس وكان الازرق يحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة في تلك الفترة والفضل يعود للاذاعة الكويتية وصوت المعلق الكبير خالد الحربان اللذين ينقلان للمستمع العربي في كل مكان احداث البطولات الرياضية المحلية والقارية والدولية وكانت الاذاعة الكويتية هي المتنفس الوحيد لنا ولكل المتابعين الرياضيين في تلك الحقبة من الزمن، ومن باب المصادفة ان ذلك المونديال الكروي صادف افتتاحه مع حلول شهر رمضان المبارك حاله كحال هذه البطوله التي تمتد الى قرابة نصف ايام الشهر الكريم، ورغم تلك المصادفة إلا أنه شتان بين ترقبنا وتلهفنا لمشاهدة مباريات مونديال اسبانيا وما اتت بعده من بطولات عالمية وهذه البطولة التي نستقبلها ونحن نعيش أحلك الظروف المحيطة ليست بالوطن فحسب وانما باغلب الديار العربية والاسلامية.

فبأي حال عدت ايها المونديال ونحن في طوابير محطات البنزين وغيره من المشتقات النفطية، وبأي حال عدت والكثير منا ربما يبحث اياما وليالي على اسطوانة غاز لا يجدها إلا بشق الأنفس، وبأي حال عدت والمياه طوال النهار مقطوعة على مساكننا وهي التي أنزلها الله لكل شيء حي، وبأي حال عدت والكهرباء تنغص حال الشايب الكبير قبل الطفل الصغير في عز موسم الصيف الحار، وبأي حال عدت ايضا ونحن ننام ونصحو على اخبار تثير في النفس الكآبه والحزن من جراء ما يدور في اوطاننا العربية من فوضى وحروب واقتتال وتشرذم..؟

ولهذا بأي نفس نستقبلك وبأي روح تريدنا نشاهد مبارياتك وفي قلوبنا وجوارحنا ألم يعتصر من الحال الذي وصلنا اليه.. فتبا لحكامنا وتبا للربيع العربي وتبا لكل من يريد تدمير الأوطان وفقا وأهواءه ورغباته.. وأهلا بقدوم رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار الشهر الذي نتأمل فيه ان يداوي آلامنا وجراحنا بالتقرب والتضرع فيه لخالقنا ومولانا عز وجل.

وبالتالي نقول للمونديال وداعا لقد أتت إطلالتك علينا ونحن في أجواء غير التي نترقبك فيها كعادتنا ولن أخفيك إن قلت انني لم أتلذذ بأهداف الفتى البرازيلي نيمار وزميله اوسكار في مباراة الافتتاح التي خدشوا بها شباك الكروات في ظل حرارة التشجيع في مدرجات ملعب ارينا ساوباولو ومظاهرات واشتباكات ليست ببعيدة عنه على شاطئ وساحل الكوكابانا في ريودي جانيرو! وبينما حالنا نحن لحظتها لا يعلمه سوى رب العالمين!؟

12