أحزان في الاتفاق

 سلطان الزايديالكلُّ شاهد نهاية دوري “عبد اللطيف جميل” في تلك الليلة، وكيف كانت الليلة مخضَّبةً بالفرح والحزن الشديدين، كان فارس نجدٍ يحتفل بمنجزه الذي طال انتظاره، أمّا فارس الدهناء يغرق في أحزانه، بعد أن كتب لنفسه نهايةً أليمةً، لا يتمنَّها أيُّ متابعٍ رياضيٍّ عرف الاتفاق واعتاد على وجوده بين الكبار.

في ليلة الحزن الاتفاقي كان المشهد بالنسبة لي وللكثير من أمثالي مؤلماً كثيراً، وقبول الأمر ليس بالأمر السهل، ففارس الدهناء خارج حسابات الموسم القادم، والأسباب التي أدَّت لهذا الحال كثيرةٌ ومتنوعةٌ، أمَّا العامل المشترك فيها إدارة رئيسٍ لا يرى في وجوده على كرسي الرئاسة أيَّ مشكلةٍ، ويعتقد أنَّ ما حدث كان مدبَّراً لفريقه، إنَّها عباراتٌ رماها في اتجاهاتٍ مختلفةٍ، تمحورت حول التشكيك في ذممٍ لا سند لها إلا ظنونٌ واستنتاجاتٌ لا يستطيع إثباتها، ولا يمكن الاستدلال بها للخوض في الحديث عنها، و فتح تحقيقاً لمعرفة تفاصيلها، لكنَّه رأى أنَّهُ يعيش مأزقٍ لم يعشه طوال ثلاثين عاماً، قضاها في رئاسة الاتفاق، لتكن وسيلةً تنجيه من سوء ما اقترف بحقِّ الاتفاق.

إنَّ تصريح عبد العزيز الدوسري الأخير الذي أدلى به للعربية كان خالياً من تحمُّل المسؤوليَّة، فقد وجَّه الاتهامات في اتجاهاتٍ مختلفةٍ للمنافسين، ولذوي القربى النصيب الأكبر، ولم يحمِّل نفسه أيَّ مسؤوليَّةٍ، بل على العكس قال ما يوجب العتب، وبأنَّه ضحَّى بكلِّ شيءٍ من أجل الاتفاق…! فهل مَن ضحَّى بكلِّ شيءٍ لأجله تكون نتائج تضحيته الهبوط لدوري ركاء !!

فبعض الأفعال ترسم على محيانا علامات تعجُّبٍ وحيرةٍ، ونزداد تعجُّباً عندما نصل لقناعةٍ مطلقةٍ: أنَّ ما حدث غير مؤثِّرٍ في نفس مَن تسبب في هذه الكارثة.

رئيس الاتفاق يتهم بشكلٍ مباشرٍ ناديي الشباب والاتحاد، ويصفهما بالمتواطئين لهبوط فريقه، ويلمِّح إلى فسادٍ وتلاعبٍ في النتائج، ومدرِّب الأهلي يقول: نحن نعمل بشرفٍ، وهذه هي أخلاقيَّات المهنة ولن نحيد عنها، فهل يُعتبر الأهلي متواطئاً مع الاتفاق لو ذهبت نتيجة المباراة الى التعادل؟!!

لهذا كلَّ من تحدَّثوا وشكَّكوا قبل وبعد الجولة الأخيرة، يجب أن تطولهم يد القانون، فهي فرصةٌ لتعديل الوضع التنافسي في مسابقاتنا بتدخّل القانون، والتحقيق مع كلِّ مسؤولٍ تحدَّث بأمرٍ ما، فيه تشكيكٌ أو اتهاماتٌ دون أن تستند إلى أدلَّةٍ ثبوتيَّةٍ واضحةٍ، إذ يجب أن يُعاقب وفق أنظمة وقوانين اتحاد الكرة.

إنَّ هبوط الاتفاق ليس له علاقةٌ بكلِّ ما ذكره رئيسه، فالهبوط له أسبابٌ مختلفةٌ وكثيرةٌ، يتحمَّلها الرئيس نفسه، فهو لم يقدِّم العمل المأمول منه، وقد أضرَّ بهذا الهبوط في سمعة فريقٍ عريقٍ وكبيرٍ له إنجازاته المتميزة، وفي تصوّري كان من الأفضل أن يعلن تحمّله للمسؤوليَّة كاملةً، ويعلن استقالته، فهو القرار الصائب الذي كان من المفترض أن يصدر عنه؛ حتى لا يثير مزيداً من الاستفزازات لأنصار فريقه.

ثمَّ إنَّ في الدمام الكثير من رجال الأعمال الذين يستطيعون أن يعيدوا الاتفاق ليس فقط لدوري جميل، لا بل لديهم القدرة بأن يجعلوا من هذا الفريق بطلاً في المستقبل يتربَّع على عرش الكرة السعوديَّة، إلَّا أنَّني أجهل سرَّ هذا التخاذل وعدم الوقوف مع فريقٍ يمثّل مدينتهم!!.

أمَّا الفترة القادمة ستكون صعبةً على فارس الدهناء، وتجاوزها يحتاج إلى وقتٍ ومالٍ وعملٍ، قبل أن يزداد الأمر سوءاً، ويجب احتواء الأمر ومحاولة المحافظة على الفريق في هذا الوقت، فما سيحدث في الأيام القادمة قد يضرُّ في الفريق مستقبلاً، فهناك مَن سيسعى لاستغلال الوضع وإغراء بعض نجوم الفريق من أجل الانتقال لأندية جميل، والاستمرار في دوري المشاهير، وهنا سيكون مكمن الخطر، لهذا فالاتفاق الآن في أمسِّ الحاجة لأبنائه المخلصين؛ حتى يلتفوا حول فريقهم، ويقدّموا عملاً سريعاً جداً ومقنّناً، يعيد الاتفاق لدوري جميل في أسرع وقتٍ ممكن، فإن لم يعد الموسم القادم، هذا يعني أنَّه سيعيش سيناريو نادي الرياض، النادي العريق الذي هبط ولم يعد حتى هذه اللحظة.

الاتفاق ركنٌّ أساسيٌّ من أركان الكرة السعوديَّة، وهو يمثّل منطقةً كبيرةً وعزيزةً على قلوبنا في الساحل الشرقي، ويجب أن تكون مصلحته فوق كلِّ اعتباراتٍ أخرى.

ودمتم بخير

سلطان الزايدي

@zaidi161تويتر

9