انا والطفل الهندي وكرة القدم !

عبداتقادتني الضروف للسفرالى الهند البلد الآسيوي الكبير، البلد الذي قدم للعالم كثيراً من الدروس والعبر في مراحله النضالية المشرفة من أجل تحرير الشعب الهندي من براثن الاستعمار البغيض.. اليوم الهند الذي قصدتها للزيارة والعلاج وجدت فيها ما لم أجده في دول عربة لا تملك مساحة كبيرة ولا سكان يفوق المليار مثل الهند وخيراتها تفوق خيرات الهنود بكثير، ولكن ما شاهدت في هذه البلاد الساحرة من تطور مذهل في أمور شتى جعلني أحتقر فكر المسؤول والحاكم العربي الذي أوصل حال الأمة العربية الى ماهو عليه اليوم.

حقيقة لقد أبرهني مطار بومباي وكأنك تتفسح داخل أسوار مدينة رائعة وحتى مطار بانجلور وهي محطتي الثانية كان هو الآخر أكثر من رائع على الرغم أنها ليست سوى مدينة ربما تحتل الترتيب الخامس من حيث الأهمية بين المدن الهندية، فقد شاهدت فيها مترو الأنفاق وناطحات السحاب والتطور العلمي والطبي المذهل.
الخلاصة التي أنا في صدد الحديث عنها أنني كنت ساكنا في أحد الأحياء الراقية في بانجلور وهو حي (لاكشمي) نسبة للملكة جانسي البطلة الهندية لاكشمي باي.. وعلى فكرة بانجلور هي معقل الكرة الهندي وفيها النادي الشهير ويست بنغال وتقام فيها أغلب مباريات المنتخب الهندي.
المهم ذات يوم وجدت اثنين من الأطفال الهنود يلعبان كرة القدم أمام السكن الذي كنت نازلا فيه، وكان طفل فقير ينظر اليهما بحسرة شديدة والدمع يذرف من عينيه.. فسألته لماذا تبكي؟ قال: انهم لا يريدونني أن العب معهما، فحاولت ان أقنعهما، لكن دون فائدة ربما هي نظرة من أولاد الأغنياء ان هذا الطفل الفقير لا يفهم في كرة القدم فطبطبت عليه وسألته ما الذي أتى بك الى هنا هل انت ساكن في هذا الحي؟ قال: منذ بضعة شهور أسكن أنا وأبي وأمي في هذه العمارة التي يتم تشطيبها فوالدي عامل بناء وأمي تساعده وعند الانتهاء من هذه العمارة لا ندري اين سنذهب.. فقلت تحب كرة القدم؟ ابتسم وقال: إني أعشقها.. فقلت: بماذا تحلم؟ قال: أن أملك كرة صغيرة وأن أصبح لاعباً كبيراً.. فقلت: سوف أحقق نصف حلمك وانصرفت من أمامه وذهبت أبحث عن محل يبع كرة قدم فوجدته وأخذت كرتين إحداهما لذلك الطفل الهندي الفقير والأخرى لابني صالح الذي يعشق هو الآخر الساحرة المستديرة بجنون.. وحين عودتي وجدته وقد غلبه النوم فقال أبوه: سوف أصحيه من نومه فقلت اتركه وضع الكرة بجانب وسادة رأسه.. وفي الصباح الباكر سمعت خبطات الكرة في جدارن العمارة فألقيت نظرة من شرفة الشقة التي أقطنها فاذا بذلك الطفل يداعب الكرة بكل فرح وسعادة.. وبالأمس رويت تلك الحكاية لابني صالح قبل أن أرويها لكم.. فبكى بكاء شديدا.

11