رقيم ودهاق أوطاننا العربية (2-3).. سيري قبل دُلوك الشمس يا سورية ولاغلس فشمسك المتسربلة تغشَّاك

أتعبت رجلك أيها الأعرابي تحتذي الوجى بين المدن والقرايا والأرياف السورية تُسابق غاربة الشمس والساحة الثقافية فيها مزدحمة بمختلف الأجناس الأدبية. قبسها الناس هنا وهناك فأدم الإدامة بين القوم, وطِبْ غالسًا ثم ابتدر وأقم نافلة صبح الإبداع, بعد أن تلونا بعضها في الجزء الأول ذلك الفجر المُندَّى المنزل من طُروسهم من «رقيم ودهاق سوريا» ولحظنا كيف تجلى تأثيرها وانعكاسها على الحراك الشامي والعربي, التي كان الشعر فيها هو الأسبق, ذلك لأنه الأسهل في التداول والتناول والوصول إلى المتلقي, ولأن الشعر طبيعة عربية فالعربي يقوله حالة فطرية يعبر فيها عن نفسه ومجتمعه.

كما كان للقصاصين والروائيين الأيادي البيضاء الطولى قسمات ومقتسمات ضمتها لأجنحتها واقتطعتها وابتذرتها في ترفيد ينابيع وجداول الإبداع فأسكنتها ورقرقتها جريًا وحملًا أودية وأنهارًا وغيمًا هطلانًا بين المدن والأرياف السورية ساعد في ذلك الظهور المبكر للطباعة, ومازه دور الصحافة عموماً والأدبية على وجه الخصوص. كما يتوجب الإشارة إلى مافعلته الجامعات ودورها في هذا الشأن حيث قدمت من خلالها الكثير من البحوث والدراسات وبالتالي ظهور حركة نقدية واكبت النصوص الإبداعية. قراء الثقافية الكرام في (سبتكم السوري الثاني) ننحاز ونجتاز للحركة الفكرية والنقدية, والأدب الشِّفاهي الشعبي, ونقرأ في أدب الرسائل الذي بنبع بين غادة السمان والروائي والقاص والصحفي الفلسطيني غسان كنفاني. ونصطف على أهم المحطات المدارية التي وقف عليها وشعشع منها أعلام سوريون كان لهم الصّلت والصولة والجولة.

حركة الفكر والنقد موسوعية انعكست على الأجناس

أستاذ النقد الأدبي في جامعة الغرير الدكتور أحمد عقيلي تناول الدراسات والحركة الفكرية والنقدية التي واكبت المد الثقافي الكبير في سوريا إضافة للنوافذ الأخرى أسهمت في سطوع وبلوغ الحركة الأدبية والثقافية والإبداعية السورية للمصاف العُلى بين التجارب العربية وقال:

كنا قد أشرنا في الجزء السابق أن الامتداد الزماني التاريخي لسورية والذي يقدّر بآلاف السنين وأنه شهد أنواعاً متعددة من الأدب هذه الأنواع تطورت وتشكلت وامتدت لوقتنا الحاضر كنتيجة طبيعية لتنامي الحركة الإبداعية والثقافية في سورية، فكان من الطبيعي أن تنشط حركة فكرية نقدية تواكب هذا المد الثقافي الكبير، وتسلط الضوء على منجزاته وإبداعات أبنائه، فكانت المؤلفات والدراسات النقدية، التي أسهم في شيوعها وانتشارها الحركة النقدية النشطة للجامعات السورية من خلال الدراسات العليا وأطروحات الماجستير والدكتوراه التي كانت تقدم في محرابها، إذ صدرت عشرات الكتب النقدية، والتي تمحور معظمها في النتاج الأدبي السوري بأجناسه المختلفة، فكانت تلك الكتب مرآة عاكسة لتجارب أصحابها النقدية، وهي تجارب تراوحت بين الأسلوب النقدي الصحفي كما هو الحال لدى عدنان بن ذريل، والطابع الأكاديمي وهو ما نجده في دراسات ساطع الحصري، فارس الخوري, سعد الدين كليب وآخرين. يمكننا القول ومن خلال تتبع الحركة النقدية السورية منذ بداياتها وحتى العصر الراهن أنها اتسمت بالتنوع والموسوعية، إذ نجد فيها: الواقعية، النفسية، البنيوية التكوينية، الألسنية، الأسطورية، الأسلوبية، السيمولوجية، التفكيكية، الانطباعية، التكاملية، وغيرها.

وأضاف عقيلي: كما ازدهرت حركة الترجمة ونشطت، وهو ما أفضى بدوره إلى ما يسمى المثاقفة، وهو ما انعكس وبشكل واضح في الحركة الثقافية للمجتمع السوري.

ويلمس المتتبع لهذه الحركة أنها جمعت بين التطور ومواكبة عجلة الحضارة من جهة، وبين الحفاظ على التراث والتمسك بالأصالة والجذور من جهة أخرى، وقد أذكت الظروف الاجتماعية والأوضاع المعيشة في تلك الحقبة بما فيها من إرهاصات العصر والحربين العالميتين الأولى والثانية وانعكاساتهما على المنطقة العربية عموماً وعلى سورية خصوصاً، روح الإبداع والكتابة والتأليف، حيث نجد في هذه المرحلة أسماء شعرية خالدة، نذكر منهم: شفيق جبري، فخري البارودي، عبد الله يوركي حلاق، عبد المعين الملوحي، بديع حقي، سلامة عبيد، محمد البزم، محمد الفراتي، عمر بهاء الدين الأميري، خليل مردم بك، بدر الدين الحامد، بدوي الجبل، ماري العجمي، عمر أبو ريشة، خير الدين الزركلي، وجيه البارودي، محمد عمران، نزار قباني، وسليمان العيسى.

منوهًا إلى أنه بعد الإعلان عن ولادة الجمهورية العربية السورية، بدأت المؤسسات الثقافية والأدبية بالظهور، مثل وزارة الثقافة، واتحاد الكتاب العرب بفروعه وجمعياته المتعددة، وهو ما أضفى صفة رسمية على النتاج الثقافي بأنواعه المختلفة، وقد اصطبغ هذا النتاج بألوان متنوعة ومختلفة منها التقليدية التي تتن اول العادات والتقاليد، أو الواقعية التي تحكي عن الحياة المعيشة وشؤون الأسرة وأنظمة الحياة، أو الرومانسية العاطفية والوجدانية، أو العلمية التي تعتمد على الحقائق والأرقام والإحصاءات والنسب الدقيقة، وقد واكب ذلك كله حركة فكرية ونقدية نشطة، حمل لواءها كوكبة من الأعلام لعلنا نذكر منهم: محمد كرد علي، شفيق جبري، سامي الكيالي، زكي الأرسوزي، سعد صائب، شكري فيصل، عبد الكريم الأشتر، عبد السلام العجيلي، وصدقي إسماعيل وغيرهم.

سِيَر السوريون بين الوقع الخاص والنزع العام

وأشار «عقيلي» كما تجدر الإشارة هنا قبل أن أختم: إنه من أبرز وأهم الأجناس الأدبية التي واكبت هذه المرحلة وأثرت الحركة الأدبية والثقافية في سورية (فن السيرة الذاتية) الذي وصفه بأنه فن أدبي مهم لا ينفصل عن الحركة الأدبية السورية، خصوصاً أن الذين كتبوا فيها كانوا من النخب الأدبية، شعراء، وقصّاص، وروائيين ونقاد ومفكرين، وقد غدا هذا الفن فناً مستقلاً له مؤلفاته وكتبه الخاصة، ولعل في نزار قباني خير مثال على ذلك، ويجد المتتبع لهذه السير الذاتية أنها لم تكن مقتصرة على القضايا الشخصية والذاتية للكاتب، بل كانت تتناول القضايا العامة والمجتمعية إلى جانب القضايا الفردية الخاصة، كل ذلك يدل على خصب الحركة الأدبية والفكرية والثقافية في سورية، سواء كان ذلك النتاج شعراً أو قصة أو رواية أو سيرة، كما أن النقد هو المرآة التي تعكس ماهية ذلك كله، وهو الريشة التي ترسم صورة واضحة المعالم للحراك الفكري والإبداعي في الجمهورية العربية السورية.

* الشعر الشِّفاهي في سورية .. وسماته الجمالية

الشعر الشِّفاهي هو أحد فنون الأدب الشعبي الذي يعود أصله لجزيرة العرب إبان الحقبة الجاهلية، مرورًا بالعصر الإسلامي وما تلاهما. ويعرف هذا الشعر بأنه شكل تقليدي من أشكال الشعر الشعبي المنسوب إلى العامية، التي يتكلمها الناس في حياتهم اليومية. الأديب والباحث السوري غازي خيران الملحم تحدث عن هذا الأدب المشهور بسوريا مؤكدًا أنه يتميز بمذاق أدبي خاص من حيث النظم والبناء، لابتعاده عن وحشي الكلام وتقعر اللفظ، العصي على الفهم أحيانًا وذلك لكونه وبشكل متدرج أخذ _ الشعر العامي_ يفصح عن نفسه أكثر، وبرز بقوة على الساحة الأدبية في سوريا، عندما تمثله من يجيده ويحسن إيصاله للمنابر والناس فكرة وحسا.

وأضاف: لهذا النمط الشعري في سوريا، مكانة جيدة بين متذوقي هذا اللون من النظم المحكي، لرسمه صورة واضحة للتقاليد والأعراف والشمائل والقيم الروحية لهذا المجتمع. وأن الناظر المتبصر في تقسيماته الإبداعية، لأمكنه تلخيصه وتقسيمه وتصنيفه في عدة ضروب فنية منها: (العتابا) وهي نوع من الأدب العامي المتداول في سوريا، وتحتفظ به الذاكرة الشعبية, وله صلة وثيقة بالريف والبادية الشامية تحديدًا كونه يعبر عن العادات والتقاليد الاجتماعية المتوارثة، ويتسم بالأصالة وقوة العاطفة وتأججها، حيث يرسم البيت الواحد من العتابا صورة كاملة لطرفة أو خبر أو فكرة حياتية ما. وأشار إلى أن من أقدم ما تناهى إلينا من هذا الشعر الشِّفاهي، قول الشاعر البدوي المعروف بالنسبة للسورين: «عبد الله الفاضل» الذي أنشد مفتخرا بأهله:

هلي ما لبسوا خادم سملهم

وبقلوب العدا باين سم لهم

الناس نجوم وهلي سما لهم

كواكب سهرن بليل الدجا.

وهناك أيضًا من أنواع الشعر الشِّفاهي مايطلق عليه ب(النايل) والنايل شعر شعبي جميل الأداء حزين الإيقاع، وهو أرشق وزنا وأسهل نظما من العتابا، ومن الأبيات المتداولة في البيئة الريفية بحمص:

يا رايحين لحلب حبي معاكم راح

يا محملين العنب وفوق العنب تفاح.

ومن هذا الأدب الشّفاهي مايسمى ب(السويحلي) ويعتبر السويحلي من أعذب وارق الأشعار الشِّفاهية، لاسيما في الجزيرة الفراتي السورية، ومن مثاله:

حبر الدموع من مكتوبكم يا زين

من بين الضلوع نار الفراق تزيد.

ومن أبرزها أيضًا وتحديدًا ما اشتهر في أواسط المدن السورية (الميجنا) وسميت بالميجنا, بمعنى من جاءنا، وهي أكثر شيوعا في أوساط المدن مثل الشام وغيرها، حيث ينشد الشاعر:

ميج يا أبو الميج يا أبو الميجنا

أهلا وسهلا شرفونا أحبابنا

كما نود الإشارة لفن (الزجل) الشِّفاهي وأصله في اللغة، الجلبة والتطريب، ورفع الصوت إثناء إنشاده، ومن ذلك قولهم:

التبصر بالأمور مكاسب … وشواهد الحال بتحسين أوله

وأخيرًا نشير إلى (الموال) وهذا النوع من الشعر الشِّفاهي أكثر شيوعا في البيئة الشعبية السورية، وخاصة في المناطق الجبلية والساحلية، ومثاله قول القائل:

ميلي مع النسمات قبل الضحى

حتى غزال الروض يرعى قلوبنا.

وقال الملحم: تكشف هذه النصوص التي أوردتها هنا وعلى قِلّتها، عن التحامها بنبرات الحياة اليومية المعاشة، وهي غالبا إشعار جماعية لا يعرف مؤلفوها، وتعبير عن واقع الشعب وتطلاعته وخوالج صدره. وقد برز حديثا على ساحة هذه الصنف الشعري العديد من المبدعين، من أمثال عمر الفرا، وعيسى أيوب، وحكمت فرح، وقمر الجاسم, وآخرون.

أدب الرسائل والمراسلات .. غادة وفرات

الكاتب سلام مراد تناول محورًا إبداعيًا في غاية الأهمية كان له صدى واسع في الحراك الإبداعي سورية التي انطلق منها أهم رسائل أدب المراسلات على يد غادة السمان والشاعرة فرات أسبر «مراد» أوضح إن فن الرسائل والمراسلات فن قديم ولد مع تطور اللغة والكتابة, وقد حفظ هذا الفن الأدبي الجميل عن طريق رسائل الأعلام والمشاهير من خلال رسائل الملوك والأمراء والوزراء عبر العصور والأحداث التاريخية. وكانت الرسائل تنتقل بين المرسل والمرسل إليه عبر وسائل متعددة

لكن تظل الرسائل عبر البريد الورقي لها نكهتها الخاصة، ومنها على سبيل المثال الرسائل المتبادلة بين الأدباء. ومن الرسائل المشهورة تلك المتبادلة بين الأديبة السورية غادة السمان والأديب الفلسطيني غسان كنفاني كتبت الأديبة غادة السمان في مقدمة من مقدمات أحد كتبها «محاولة إهداء إلى الذين لم يولدوا بعد:

«هذه السطور التي أهداني إياها ذات يوم وطني مبدع لم يكن قلبه «مضخة صدأة» أهديها بدوري إلى اللذين قلوبهم ليست مضخات صدأة، وإلى اللذين سيولدون بعد أن يموت أبطال هذه الرسائل»

وأضاف «مراد» الرسالة الأولى التي أرسلها الأديب غسان كنفاني إلى الأديبة السورية غادة السمان تقول غادة السمان عنها: «إن هذه الرسالة غير مؤرخة» يقول فيها غسان كنفاني: «أعرف أن الكثيرين كتبوا إليك، وأعرف أن الكلمات تخفي عادةً حقيقة الأشياء خصوصاً إذا كانت تُعاش وتُحس وتنزف على الصورة الكثيفة النادرة التي عشناها في الأسبوعين الماضيين.. ورغم ذلك فحين أمسكت هذه الورقة لأكتب كنت أعرف أن شيئاً واحداً فقط أستطيع أن أقوله، وأنا أثق في صدقه وعمقه وكثافته وربما ملاحظته التي يخيّل إليَّ الآن أنها كانت شيئاً محتوماً، وستظل كالأقدار التي صنعتنا… إنني أحبك» .

وتابع: نشرت غادة السمان هذه الرسائل في غير موضع وهي الأديبة السورية المعروفة في الشرق والغرب، الدمشقية المحملة بعطر الياسمين. وكتابتها مزينة بطعم الراحة الحلوة والفواكه الدمشقية المجففة والملبس المغطس بالسكر، لأنها بنت بيئتها التاريخية التقليدية في الحارة الدمشقية الشعبية العريقة. كتابتها محملة بالتفاصيل والأمكنة والأزقة التي عاشها أطفال دمشق، حيث التاريخ والعادات والتقاليد في القرن التاسع عشر وأوائل ومنتصف القرن العشرين. هذه العادات التي تعرفنا عليها وعشناها في دمشق القديمة التي ماتزال صامدة في وجه التغيرات والحداثة التي تفقد التراث نكهته وجماله، ولكن دمشق تبقى دائماً حاضرة في الكتابات والرسائل والروايات والمسلسلات والأفلام التي توثق مراحل مهمة من تاريخنا وحيواتنا.

وأشار مراد: أما الشاعرة السورية فرات إسبر وهي التي تقول: القصيدة مثل الغيمة تأتي على حين غفلة. والوطن وهم لا تقبض عليه النساء، إن الشاعرة فرات تكتب عن التفاصيل الإنسانية الجميلة من خلال قصائدها وكلماتها المزينة بعطر الأصدقاء والبشر المحيطين بهذه الطبيعة الجميلة، حيث يتجاور البحر مع الجبل، وتقترب الزرقة من خضرة الجبال وتحاكي السماء الأرض بلونها الأزرق، فهي بنت اللاذقية، بنت هذه التفاصيل الجميلة الإنسانية لذلك انعكست هذه الطبيعة في كتاباتها ورسائلها ووجدانها والأشياء الجميلة المسكونة في مخيلتها وصورها الفنية التي تصل إلى القارئ والمتابع لكتابات شاعرة سورية مثابرة هي فرات إسبر. إن مثل هذه الرسائل والمراسلات بين الأدباء والشعراء والمثقفين السوريين تحفظ لنا الكثير من الأشياء الجميلة وخاصة إذا كانت هذه المراسلات لشخصيات متميزة في المجتمعات وفي اختصاصات هي الأقرب إلى الإنساني والوجداني والكتابة هي فن تاريخ اللحظات في حياة الإنسان.

أعلَام أثروا وتركوا أثرًا في سورية

الباحث زبير سلطان كشف أن العالم كله يعرف أن أول أبجدية ظهرت على الأرض كانت من سورية، وهي مهد الأديان التوحيدية الثلاث التي انطلقت منها، واستمرت سورية عبر قرون تقدم للعالم الثقافة، وتأخذ منه الثقافة، حتى دخلت عصور الجهل والأمية منذ خمسة قرون، مستدركًا _ ولكن_ منذ نهاية القرن الثامن عشر الميلادي بدأت تستعيد رسالتها الثقافية للعالم، وبلغت أوج قمتها مع منتصف القرن العشرين وحتى بداية الأزمة التي تمر بها منذ ما يزيد على ستة سنوات.

وأضاف «سلطان» كان لهذه النهضة الثقافية السورية الحالية رواد وأعلام أثروا الساحة الثقافية السورية، قدموا لها أجمل إبداعاتهم وبحوثهم ودراساتهم، ومن فنون الأدب على مختلف مدارسه. صحيح إنه لا يمكن أن يتم ذكر كل هؤلاء الأعلام الذين أثروا الثقافة في سورية، ولكن لابد من أن نذكر كوكبة منهم ونعتذر مسبقاً عن البعض .

نذكر من هؤلاء الأعلام خلال القرن الماضي والقرن الحالي الجيل الذي حمل راية الثقافة الحديثة في سورية: المفكر الديمقراطي عبد الرحمن الكواكبي، والباحث والأديب والشاعر خير الدين الزركلي صاحب موسوعة (الأعلام)، والعلامة، والأديب الأمير مصطفى الشهابي، وشيخ الوراقين في دمشق أحمد عبيد صاحب موسوعة (الأعلام من العرب والمستشرقين) من عشرة أجزاء، والأديب والمفكر الشهيد عبد الحميد الزهراوي، وصاحب المسرح الحديث أبي خليل القباني وشاعر المهجر زكي قنصل، والشاعر جورج صيدح، والشاعر عبد اللطيف يونس، والمفكر والصحفي عبد الغني العريسي، عمر حمد، والأديب الشاعر أديب إسحاق، والأديب والباحث ساطع الحصري. ثم تلاهم في المنتصف الثاني من القرن العشرين أعلام كبار أمثال : الشاعر جميل مردم بك، والشاعر والأديب خليل مردم بك، والأديبة عزيزة هارون، والأديب جورج سالم، والشاعر الكبير بدوي الجبل (محمد سليمان الأحمد)، والأديب الشاعر والتربوي أمجد الطرابلسي، والشاعر عمر أبو ريشة، والشاعر كمال فوزي الشرابي، والأديب والفيلسوف عبد الله عبد الدائم، والأديبة ماري العجمي، والمربي الأديب مازن المبارك، والأديب رزق الله إنطاكي، والأديب الصحفي سامي الدهان، والباحث منير الريس،

وتابع: ثم حل أعلام في الثلث الثاني من القرن العشرين أمثال الشاعر الكبير نزار قباني، والشاعر سليمان العيسى، والشاعر محمد الحريري، والشاعر بدر الدين الحامد، والشاعر وجيه البارودي، والشاعر محمد الفراتي، والشاعر نديم محمد، والشاعر عبد الباسط الصوفي، والشاعر أنور العطار، والفيلسوف زكي الأرسوزي، والمؤرخ عبد القادر عياش.

وفي المنتصف الأخير من القرن العشرين ظهر الأعلام: القاص حسيب كيالي، والشاعر ممدوح عدوان، والأديبة غادة السمان، وشاعر الحداثة أدونيس (محمد علي سعيد) ، والشاعر محمد الماغوط، والشاعر فايز خضور، والأديب زكريا تامر، والشاعر محمد عمران، والأديب المسرحي علي عقلة عرسان، والأديب حنا مينه، والقاص عادل أبو شنب، والمفكر حافظ الجمالي، والأديبة ملكة أبيض، والقاص وليد إخلاصي، والأديبة وداد سكاكيني، والأديب مطاع الصفدي، والأديب مدحة عكاش، والقاص فارس زرزور، والأديب خليل هنداوي. وفي الفنون التشكيلية لؤي كيالي فاتح المدرس. وهناك عشرات من الأعلام لا يتسع المجال في ذكرهم جميعاً. لكننا نتوقف ولو بكلمات قليلة عند الروائي حنا مينه والذي تميز بأعماله الروائية البحرية التي تحدث أغلبها عن البحر وأخطاره ومصاعب العيش وخطورة هذه أعمال البحر والميناء وكان أشهرها الشراع والعاصفة وقد قدمت روايته (نهاية رجل شجاع) كمسلسل تلفزيوني.

الماغوط الوجه المشاكس

أما العلم الثاني فهو الشاعر والمسرحي السوري محمد الماغوط الذي اشتهر بشعره المشاكس والذي يحوي الكثير من المعاني القابلة للتأويل والتي تحمل قراءات من وجوه عديدة كما اشتهر بعدد غير قليل من المسرحيات التي تجسدت في سورية وخارجها وقد قدمت في ذكرى وفاته منذ أيام الكثير من الشهادات منها شهادة الفنان دريد لحام، والمخرج علاء الدين كوكش، والدكتور عبد الله الشاهر وعدد من الأساتذة والمختصين.

وهنا زاد الكاتب السوري محمد الحفري: لعلنا هنا نجد في الشاعر الكبير نزار قباني ختاما يليق بأعلَام أثروا وتركوا أثرًا طويلًا في الحراك السوري والعربي لما تميز به القباني من موهبة فذّة يشار لها بكل تقدير. فذلك الأمير الدمشقي الذي ينتمي حقيقة إلى جدِّه «أبوخيل القباني» رائد المسرح ووالده توفيق أحد رجالات الثورة السورية ضد المستعمر الفرنسي هو ابن بار لبيئته الدمشقية بناسها وياسمينها وأسواقها ودكاكينها ونهر بردى الذي يقطعها وجبل قاسيون الذي يطل عليها، وقد كتب الشعر وهو في السنة السادسة عشرة من عمره وأصدر أول دواوينه عام 1944 ويحمل عنوان» وقالت لي السمراء» وله خمسة وثلاثين ديوانا شعريا أهمها « الرسم بالكلمات» وعدد من الكتب النثرية أهمها « قصتي مع الشعر» إن نزار قباني يعتبر ظاهرة في عالم الشعر وذلك لأنه أبدع في كتابة السهل الممتنع. من منا لم يقف عند قصائده وينشد:

أحبّك أحبّك والبقيّة تأتي

حديثك سجادةٌ فارسيّه..

وعيناك عصفوتان دمشقيّتان..

تطيران بين الجدار وبين الجدار..

وقلبي يسافر مثل الحمامة فوق مياه يديك،

ويأخذ قيلولةً تحت ظل السّوار..

وإنّي أحبّك..

لكن أخاف التّورط فيك،

أخاف التّوحد فيك،

أخاف التّقمص فيك،

فقد علمتني التّجارب أن أتجنب عشق النّساء،

وموج البحار..

أنا لا أناقش حبّك.. فهو نهاري

ولست أناقش شمس النّهار

أنا لا أناقش حبّك..

فهو يقرّر في أيّ يوم سيأتي..

وفي أيّ يومٍ سيذهب..

وهو يحدد وقت الحوار، وشكل الحوار..

الإعلام السوري (إذاعة وتلفزيون) وتحوّلات مسيرته

«أيُّها الشعب الكريم، يا شعب البطولات والتضحية، هذه إذاعتكم، إذاعة الجمهورية السورية من دمشق، إذاعة ال قومية العربية، إذاعة كلّ العرب، تنقل صوتها إليك، الإذاعة السورية في دمشق تتحدث إليك»

بهذه الكلمات للإعلامي «يحيى الشهابي» بدأ بث إذاعة دمشق. فانطلقت الإذاعة الرسمية السورية في احتفالات عيد الجلاء الأول عام 1946م . بانطلاقة خجولة، كما وصفتها مذيعة ومُعدّة البرامج التلفزيونية والإذاعية إيمان مسلماني فتجمهر الدمشقيّون مبهورين في المقاهي لمتابعة الأخبار والأغاني، فلم يكن في دمشق كلّها سوى عشرين جهاز راديو، إلى أن دخلت الراديو كلّ البيوت بجهد جهيد. وبعد تأسيس إذاعة دمشق كان لا بدّ من إنشاء محطة إضافية، فكانت إذاعة حلب التي تُعدّ واحدة من أقدم الإذاعات العربية، وكانت البداية من غرفتين في مبنى الهاتف اليدوي في شارع اسكندرون. وفي الساعة السابعة من مساء كانون الأول عام 1949م، صدح صوت مذيع دمشق: والآن أعزاءنا المستمعين ننتقل بكم إلى زملائنا في محطة إذاعة حلب الإضافية، وتلاه مذيع حلب عادل أشرفي ليقول: هنا محطة إذاعة حلب الإضافية.

فأصبحت معظم أحاديث الناس وسهراتهم عن ذلك المسلسل، وذاك البرنامج، ومحاولة رسم أشكال الشخصيات التي يسمعونها.

التلفزيون انطلق من قمة قاسيون

وتحدثت «مسلماني» عن نشأت التلفزيون والذي وصفته أيضًا بحالة الإبهار بعيون أسماع السوريون وقالت: لم يكن حال التلفاز، أقلّ إبهارًا للناس، فبدأ يُدخل بهجة خاصة في عيون المشاهدين والذي كان بداية إرساله. مساء يوم 23 من الشهر السابع عام 1960م من قمة جبل قاسيون في دمشق. حيث أنشئت أول محطة إرسال بقوة 10كيلو واط ولمدة ساعة ونصف يوميًا.

وفي أيلول من نفس العام صدر قانون بفرض رسمٍ سنويّ، على كل جهاز تلفاز خمسون ليرة سورية، كضريبة رفاهية، حيث لم يكن جميع السوريين يملكون أجهزة تلفاز في بيوتهم.

ثم شُيّدت محطة إرسال في كلّ من حمص وحلب، وفي عام1966م شيّدت محطة جديدة في صلنفة. وفي عام1978م بدأت تجربة البثّ الملون حتى أصبح الإرسال في عام1980م بالألوان ولمدة 10 ساعات يوميًا.

8