السلمي يكتب عن الترهيب والحكام

لا أتخيل موسماً ينتهي من دون هذا اللغط الذي يحدثه التحكيم وهذه الانتقادات التي توجّه نحوه!

ولن يكون لدينا موسم مثير ومشوق ما لم يشهد هذا الصخب حول الحكام وقراراتهم!

هذا الموسم قد يكون الأمر مسلطاً بدرجة أعلى وأقوى من مواسم مضت، ليس لأنه الأكثر أخطاء، لكنه الموسم الأكثر حدة وسخونة لقوة وشراسة المنافسة بين قطبي العاصمة، والتي يمكن لقرار تحكيمي خلط أوراقها أو زيادة وتقليص الفارق بين طرفيها «المتصدر والوصيف».

المناصرون للفريقين لا يتركون صافرة أو إشارة أو حتى ابتسامة تمر من دون تفسير وتحليل وربما اتهام، وزاد الأمر أن كل شيء يصنف على أنه مقصود.

الكل يرى أنه الأكثر تعرضاً للظلم، وأنه يواجه قسوة وتحيزاً لا مبرر لهما مهما كانت القرارات في صالحه، وهي حالة يبدو أننا لا ننفرد بها وحدنا، إذ يصفها غاليانو بقوله: «في بعض الأحيان وهي نادرة تتوافق بعض قرارات (الحكم) مع رغبات المشجع، لكنه لا يتمكن على رغم ذلك من إثبات براءته. المهزومون يخسرون بسببه والفائزون يربحون رغماً عنه، إنه علة كل الأخطاء وسبب كل النكبات، ولو لم يكن موجوداً لابتدعه المشجعون. كلما كرهوه أكثر كلما ازدادت حاجتهم إليه».

التحكيم قضية لا تنتهي، لكنه لدينا يأخذ أبعاداً أخرى، ويفرض وجوهاً عدة للتوتر والاحتقان، ففي كل عام يتسيّد الحكام المشهد ويظهر التحكيم كقضية كبرى، وفي كل مرة تطرح حلول متعددة تبدأ بإحضار صافرة أجنبية، وتنتهي باستقطاب المواهب الصغيرة في برامج تتعدد مسمياتها وتتفق أهدافها، لكن هذا كله ليس كافياً، فالقضية في أساسها لا علاقة لها بموهبة الحكم أو قدراته أو شجاعته أو فهمه للقانون، لكنها ترتبط بهذا الكم الهائل من الضغوط والانتقادات والتشكيك التي يواجهها من دون احترام لقيمته أو إنسانيته أو حتى مكانته في أسرته، يقول أحد خبراء التحكيم: «لن ينجح حكم حتى يعيش أجواء المباراة باستمتاع..».

فهل يوجد لدينا حكم يستمتع بقيادة مباراة؟! أو يدخل الملعب وهو بذهنية صافية؟!

هل يشعر بالأمان وهو يفرض لغة القانون؟!

أشك كثيراً في توافر هذه المزايا، بل أكاد أجزم أنها لا وجود لها ليس لضعف لديه، لكن لأنه يواجه لغة طرح «مرعبة» وخطاب «ترهيب» متزايد!!

فكيف ينجح في مهمته؟!

الحل ليس في دوائر الحكام أو أروقة اللجنة..

بل في إيقاف لغة التعصب التي أصبحت تشوّه كل شيء وتقوده للانحدار.

في كل عام تطرح جملة من الحلول تبدأ بإحضار صافرة أجنبية، وتنتهي بالعودة إلى المدارس للبحث عن حكام يتم صقلهم وإعدادهم لمزيد من الشتائم. الكثيرون يذهبون دوماً لرئيس اللجنة ويطالبون بإبعاده، تماماً كما تخسر فرقهم فيطالبون بإقالة مدربيهم.

مقالة للكاتب رجاء الله السلمي عن جريدة الحياة

14