الجوكم يتحدث عن جريمة في وضح «النهار»

الإعلام بوجه عام سواء كان المرئي أو المقروء أو المسموع منه أداة للتفاهم والتصالح، وليس وسيلة للصراع والدخول في مهاترات نابعة من أحقاد, خصوصا عندما تكون موجهة نحو الشعوب، والصحافة احدى ادوات التواصل، وما عرفته منذ أن بدأت الحبو في دهاليز مهنة البحث عن المتاعب، وبدء التعلم «ألف باء» صحافة أن هناك حرية أخلاقية مسئولة لا تستند على لغة التفريق بين أبناء الأمة الواحدة.
 في الدول الديموقراطية وبحسب «ويكبيديا» تؤول وظيفة إعلام الجمهور وتكوين الرأي العام إلى الصحافة في المقام الأول، وهي من خلال عملها تقوم أيضا بالنشاط النقدي والرقابي، تلك الوظائف تختلف في مدى حياديتها ومصداقيتها». ومن هذا المنطلق يجب ان يخضع الاعلام لرقابة ذاتية، ولا يسمح لكل ما من شأنه تعكير الصفو بين الجماهير العربية في مختلف الميادين، مما قد يتسبب في التنافر فيما بينها، لا سيما في عالم الرياضة وكرة القدم تحديداً.
 أسوق تلك المقدمة بعدما أصبت بغصة في الحلق من جراء ما أقدمت عليه صحيفة النهار العراقية، في تصرف غير مسئول بالمرة بنشرها صورة في صدر صفحتها الأولى بعيدة كل البعد عن الأخلاق، وحتى المهنية المفترض توفرها في صحيفة مسئولة، وتخضع لنقابة الصحفيين العراقيين، حيث قامت الصحيفة بنشر صورة مسيئة للأخضر الأولمبي على أنهم مقاتلو «داعش» في مواجهة العراق.

نعرف الدافع المقيت والمشين الذي جعل تلك الصحيفة تقدم على ما قامت به، ولكن المباراة لم تكن تستدعي تلك الهالة الاعلامية التي تعاملت بها، لا سيما وأن تعامل الاعلام السعودي بمختلف وسائله كان متزناً وعقلانيا كعادته دائماً، فهو يتعامل مع الحدث داخل المستطيل الأخضر دون التطرق لأمور أخرى لا تمت للمواجهات الرياضية بصلة. فالمواجهة، وبالرغم من كونها نهائيا قاريا وتحظى باهتمام على المستوى الآسيوي، إلا أنها في نهاية الأمر كرة قدم لا تستدعي هذا الحقد الدفين, وتذكرت موقف جريدة النهار المشين, مع موقف جمهور الاخضر وإعلامه الذي أبدى تعاطفاً كبيراً مع المنتخب العراقي في العام 2007 برغم كون منتخب بلاده هو من سيخوض النهائي، وتهمه البطولة والفوز بالكأس في المقام الأول، ولم يحزن الجمهور السعودي لخسارة النهائي لكون من توج بالكأس هو المنتخب العراقي، الفريق العربي الذي تعاطف معه الجميع, وذلك ليشاهدوا الفرحة مرتسمة على شفاه الشعب العراقي, وهنا فقط يمكن أن نقارن النبل الذي وجهه السعوديون لأبناء العراق, مع الخبث والحقد الذي انبثق من جريدة النهار العراقية.
 الأكثر غرابة مما قامت به صحيفة النهار، هو حالة الصمت المطبق التي استيقظت عليها الصحافة العراقية والإعلام العراقي جراء هذا التصرف، مما يوحي بأن هناك موافقة ضمنية، بل قد تكون مشاركة في هذا العمل اللا أخلاقي، واللا مهني، فأقل ما كان يجب فعله هو تدارك الأمر بالاستنكار والاعتذار، ولو بالإنابة قبل أن تتسع الفجوة، فالصمت يوحي بالاشتراك في الجريمة إن جاز التعبير، وإن كنت متيقناً بأن الإعلام العراقي يضم مجموعة من العقلاء، والذين لن يقبلوا بأي حال من الأحوال بهذا التصرف الصبياني.

مقال للكاتب

عيسى الجوكم – اليوم

11