الشيخ: ممنوع الضحك.. أنديتنا مثل الريال والبرشا!

قبل نحو خمس سنوات وتحديداً في نوفمبر 2008 خرج المدير التنفيذي لهيئة دوري المحترفين آنذاك محمد النويصر ورئيس الرابطة اليوم مبشراً الوسط الرياضي السعودي بأن الأندية السعودية في طريقها للتحول لتكون كيانات تجارية، وذلك تطبيقاً لمعايير الاتحاد الآسيوي للمشاركة في دوري المحترفين.

وبعد ترقب وانتظار وحبس للأنفاس زف النويصر البشرى في العام 2009 حين أعلن عن دخول أنديتنا قائمة الكيانات التجارية مثلها في ذلك مثل الأندية المحترفة الكبرى في العالم، ويومها نتذكر الأحاديث المهموسة التي راجت عن استصدار الهيئة لرخص تجارية لجميع الأندية السعودية التي تلعب في دوري المحترفين من الغرفة التجارية بجدة، وما أعقب ذلك من تعليقات جمعت بين التندر والسخط.

مدير الرابطة السابق والرئيس الحالي لم يكتفِ ببشارته تلك، بل إنه خرج في تصريح ينضح بالتفاؤل نقلته صحيفة (الاقتصادية) في ديسمبر من ذات العام، فبعد أن عدد فيه سمات النادي السعودي الذي يحمل صفة الكيان التجاري قال وقد كادت سطور حديثه تنطق ثقة : “إن الأندية السعودية أصبحت الآن مشابهة لناديي ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين من ناحية النظام المعتمد في الأمور التنظيمية الخاصة بكرة القدم”!.

وأتذكر جيداً أن النويصر في تلك الفترة تداخل عبر برنامج “مساء الرياضية” الذي كان يعرض آنذاك في القناة الرياضية السعودية متحدثاً بحديث الواثق عن تحول الأندية السعودية لكيانات تجارية وكيف أن ذلك سيحدث انقلاباً في واقعها الاحترافي على كافة الصعد الفنية والإدارية والاستثمارية والقانونية، وحيث كنت ضيفاً على البرنامج سألته حيث لم يرق لي حديثه: هل نستطيع القول بأن نادي نجران مثلاً أصبح بعد اليوم كياناً تجارياً؟ ولم يدعني أكمل إذ أجاب – كما العادة – واثقاً: نعم هو كذلك!.

استحضر اليوم كل ذلك ونحن نشاهد واقع الكيانات التجارية التي تحدث عنها النويصر قبل نحو خمسة أعوام، حيث تعاني كل أنواع الفوضى على المستويين الإداري والمالي وبالنتيجة الاحترافي، وما تعيشه الأندية من أزمات على مستوى جمعياتها العمومية، وإدارة شؤونها المالية والتنظيمية، حيث العجز المالي، والفوضى الإدارية، وما نشهده من إحجام المستثمرين وغياب الرعاة والمعلنين، وتضخم أسعار اللاعبين السعوديين، فضلاً عن القضايا المتزايدة المرفوعة من اللاعبين المحترفين المحليين والأجانب، ووكلاء اللاعبين إلا دليل على أن واقعنا الاحترافي لا زال في محطته الأولى لم يغادرها.

يكفينا فقط كشاهد حي ما يحدث اليوم في مشهد نادي الاتحاد حيث تتمثل الفوضى الاحترافية بكل أبعادها، وهي الفوضى التي تشارك في تغذيتها وتسمينها الجميع بدءاً من رعاية الشباب ومروراً باتحاد الكرة ورابطة المحترفين وليس انتهاءً بإداريي النادي الذي سماه النويصر الكيان التجاري الذي يشبه ريال مدريد وبرشلونة، وإذا به يعيش واقعاً مأساوياً حيث تحوم حوله شبهات الفساد ما استدعى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وهي اللجنة التي اعترفت بحاجتها لمزيد من الوقت والتحري للغوص في دهاليز هذا النادي الذي يزعم النويصر أنه كيان تجاري!.

واقع الاتحاد إنما يمثل العنوان الرئيس لرواية طويلة مضمونها يحمل جملة عناوين تحكي عبثية الاحتراف السعودي، والذي يتظاهر القائمون عليه بتطبيق المعايير الاحترافية في كذب بواح على الواقع، ومراوغة صريحة للحقيقة، في حين إنهم – حقيقة – يقدمون نكاتاً لا تخلو من الاحترافية، كتلك النكتة التي قالوا فيها إن أنديتنا أصبحت كناديي ريال مدريد وبرشلونة!.

مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض

15