الشيخ يكتب: صح النوم يا رعاية!

المتابع الدقيق لواقع الأزمة المالية في نادي الاتحاد والتي فاحت بروائح تؤشر إلى وجود شبهة فساد، أكان مالياً أو حتى إدارياً لا يمكن أن ينحرف بمنطقه عن أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب كانت سبباً مباشراً فيما آلت إليها الأوضاع المتدهورة في النادي، وإلا فكيف تصل الأمور إلى هذا المستوى الفظيع من التراكمات الذي صدم لها الوسط الرياضي دون أن تتحرك الرئاسة قبل هذا الوقت؟!

يكفي فقط أن نعرف أن الأزمة ليست وليدة إدارة محمد فايز، وإنما ولدت في إدارة سابقة من سلسلة الإدارات المتعاقبة، ونشأت وترعرعت في إدارات أخرى حتى بلغت مبلغها اليوم، ورغم ذلك لم تتحرك الرئاسة طوال تلك المدة بما يؤكد بالفعل بأن ثمة إدارة معنية فيها تسمى إدارة شؤون الأندية، ومكتب لها في جدة معني بالمتابعة والمراقبة يقومان بدورهما كما ينبغي على الأقل حين انعقاد الجمعيات العمومية غير العادية لاختيار إدارة جديدة للنادي؛ خصوصاً فيما يتعلق بالتقارير المالية الصادرة عن الإدارة المنتهية ولايتها، وما يجري على إثرها من عملية تسليم واستلام.

الأخبار الصحفية الذي تتسرب من داخل غرفة التحقيقات التي تجريها اللجنة المشكلة من رعاية الشباب لتقصي الأوضاع في النادي تؤكد على وجود تلاعب واضح في المسائل المالية أدت إلى تفاقم مديونيات النادي، والأعظم أن رعاية الشباب في بيانها الذي أعلنت فيه تمديد عمل اللجنة تتحدث فيه عن طلب الأخيرة «بعض الوثائق التي لم يتسن الاطلاع عليها لعدم توافرها، وذلك بغرض فحصها وتدقيقها لاستيضاح الحقيقة كاملة»، وغياب تلك الوثائق يؤكد –بالفعل– على أن رعاية الشباب كانت في سبات عميق طوال تلك المدة سواء عبر إدارتها المعنية أو عبر مكتبها في جدة ما سمح بتمرير أمور بهذا المستوى من الخطورة التي أودت بالنادي إلى هاوية الديون.

أزمة نادي الاتحاد الراهنة هي في الواقع بمثابة قمة جبل الجليد، فهي ما نشاهده فقط من واقع الأزمات الإدارية والمالية الموجود في أندية أخرى كثيرة في كافة مناطق المملكة وبمختلف المستويات، إذ إن الواقع يشهد على وجود جبل ضخم من المشاكل المتفاقمة إدارياً ومالياً، والسبب الرئيس يكمن في غياب الآليات المنظمة للعمل في الأندية فيما يتعلق بلوائح الجمعيات العمومية، وأساليب الرقابة والمحاسبة فيها.

لربما ينبري أحد العاملين في رعاية الشباب أو المنافحون عنها ليقول بأن كل ذلك موجود وما نقوله هو افتئات على الواقع، بيد أن الحقيقة التي لا مناص منها أن لائحة الجمعيات العمومية في الأندية هي البوابة الأولى والكبرى لاختراق القانون، وما يتم تطبيقه على الأرض عبر اللجان المشكلة إنما يتم بأساليب صورية على طريقة «طبطب وليِّس»، وما يحدث في الأندية الكبيرة منها في طرق عقد الجمعيات وتشكيل الإدارات هو استقواء واضح على الرئاسة وقوانينها ومثال قائم لطبيعية الأمور وواقعها.

الحقيقة الدامغة أن ما يحدث اليوم في كثير من الأندية السعودية شبيه بما يحدث في نادي الاتحاد، الفرق فقط أن الطبخة الاتحادية احترقت وفاحت رائحتها لكثرة الطباخين فيها، ولأن حجمها كان كبيراً، بينما في الأندية الأخرى لا زالت الطبخة تستوي في الفرن، إما لأن الطباخين فيها ماهرون، أو لأن حجم الطبخة أصغر من أن تحدث ما أحدثته طبخة الاتحاد من رائحة.

مقال للكاتب محمد الشيخ في جريدة الرياض

16