الشيخ يكتب: وسقط القناع عن القناع!

بنهاية الأسبوع الجاري سيكون أحمد عيد قد أتم عاماً كاملاً في رئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم كأول رئيس منتخب منذ تأسيس الاتحاد قبل نحو 60 عاماً، وهي الفترة التي يفترض أن تكون كافية للحكم عليه بالنجاح أو الفشل، باعتبارها المدة التي تعطى عادة لكل الرؤساء المنتخبين في أي مجال لقياس مدى الوفاء بتنفيذ وعودهم الانتخابية من عدمها.

للإنصاف وحتى لا يكون الحكم جائراً سواء بمنح احمد عيد علامة فشل أو حتى علامة نجاح لا يستحقهما لا ينبغي أن يكون النقد لتجربته انطباعياً مبنياً على الأحكام الخاصة المجردة، وإنما يجب أن يكون النقد مستبطناً لمقاربة منطقية ما بين برنامجه الانتخابي وتجربته على الأرض خلال عام كامل

في البرنامج الانتخابي لأحمد عيد عشرة مفاصل رئيسة لعلها كانت السبب المباشر في فوزه على منافسه خالد المعمر، وإن كان ذلك الفوز محرجاً له؛ باعتباره جاء بفارق صوتين ما يعني أن نحو نصف أعضاء الجمعية العمومية لم يكونوا إلى جانبه في الانتخابات، وأهم مفصل في ذلك البرنامج هو الشعار الذي حمله والذي جاء بعنوان: “خبرة تستهدف المستقبل”، غير أن الواقع حمل لنا عكس ذلك تماماً، فقد كانت خبرة نعم ولا شك؛ ولكنها الخبرة التي تراوغ المستقبل!

في محور العناصر البشرية مثلاً وعد عيد بزيادة أعداد اللاعبين المسجلين بحيث يرتفع العدد من 14 ألف لاعب إلى 50 ألف لاعب في 2016، ثم إلى 150 ألف لاعب في 2020، يتضمن ذلك بناء أكاديميات وإنشاء برامج لتطوير خبراء وباحثين لاكتشاف المواهب، وتوسيع مشاركة الجامعات والقطاعات العسكرية، عدا عن السماح لأبناء السعوديات، ومواليد المملكة من غير السعوديين، وأبناء مجلس التعاون، فهل تحرك خطوة واحدة لتحقيق شيء من ذلك؟ أبداً.. أبداً!.

ليس اللاعبون وحدهم من حلّق بهم عيد إلى عنان السماء فحتى المدربين إذ فتح لهم أبواب الأمل بوعود براقة بلغت حد فتح أبواب المنتخبات لهم، وابتعاثهم لمعاقل الكرة العالمية، ومرّ عام ولم ير المدربون غير سحب الصيف التي لا تمطر، إذ لا زال المنتخب الوطني الأول يوصد أبوابه في وجه كل المدربين الوطنيين، فضلاً عن أبواب الدول المتقدمة التي حكى لهم عيد كثيراً عنها ساعة بيع الوهم.

ومثلهم الحكام فالبرنامج الخاص بهم كانت تتراقص له القلوب طرباً، لكن حينما حانت ساعة الحقيقة وجدوا أنفسهم مرميين على قارعة التقريع اليومي من هذا الرئيس وذاك المسؤول، بينما عيد وقف متفرجاً وكأن الأمر لا يعنيه.

ليس هذا وحده ففي الجانب الاستثماري والحلول المالية تحدث عيد دون ملل ولا كلل؛ حتى ظننا أن السماء ستمطر على الأندية السعودية ذهباً؛ وإذ بنا نكتشف أنه لا زال يقف على أبواب وزارة المالية بحثاً عمن يسدد مديونيات اتحاده، في وقت لا زالت الأندية تشكي لطوب الأرض سائلة هذا الاتحاد المدقع فقراً حقوقها المغتصبة!.

عيد الذي وصفته إحدى الصحف بعد فوزه في الانتخابات ب “بلاتيني الكرة السعودية” جعلنا ننام على وسادة الأحلام الوردية وهو يحدثنا عن المسابقات المنتظمة، والمنشآت المتنوعة، والتنظيم المالي ذي المعايير الدولية، والعمل الإداري المؤسسي، والمسؤولية الاجتماعية العظيمة، وإذ بنا نصحو على كابوس الحقيقة المؤلمة بأن كل ذلك لم يكن سوى حبراً على ورق.

المساحة تضيق بي لكشف تفاصيل برنامج الوهم الذي ظهر من خلاله عيد واستطاع ببراعة تسويقه حينما ارتدى قناع المنقذ للكرة السعودية حتى نجح في امتطاء صهوة الرئاسة كرئيس تاريخي للكرة السعودية، إلا أن شمس الحقيقة أبت إلا أن تشرق لتقول لنا إن القناع قد سقط عن القناع!.

مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض

15