الاحيدب: استفيدوا من درس النصر العالمي وطنيا

لم أشاهد مباراة النصر والهلال الأخيرة؛ لأنني كنت في مهمة عمل خارج المملكة في بلد لا تبرمج فنادقه ولا مطاعمه ولا مقاهيه قناتنا الرياضية، ليس لأنها اكتشفت عدم حياد القناة، ولكن لأسباب سبق أن شرحها لي الدكتور محمد باريان والمهندس صالح المغيليث.

ولست هنا لأتحدث عن تفاصيل فوز النصر أو خسارة الهلال، فهذا أمر متروك للزملاء الأفاضل المتخصصين في سبر غور كرة القدم؛ مثل الأستاذ أحمد الشمراني والأستاذ عادل الملحم، وإن كانت رزانة الأول تجعل خصومه يلمزونه بعبارة مستفزة في آخر الثواني، وصراحة الثاني تجعلهم يكتمون عنه الصوت، فهذا حال إعلامنا الرياضي مع كل راقٍ وعالمي.

ما يهمني من تلك المباراة أو الاستشهاد بكرة القدم عامة هو ما علمته لاحقا من أن أجانب نادي النصر رفضوا لعب المباراة وخرجوا من معسكرها؛ بسبب مستحقات مالية أرى أن إدارة النادي تتحمل عدم الوفاء بها، فتأمين الحقوق مطلبنا ــ كحقوقيين ــ ولا لوم عندنا على من يطالب بحقوقه، إلا أن أسطورة كرة القدم السعودية والظاهرة الآسيوية ماجد عبدالله يرى أن توقيت المطالبة ورفض اللعب ليلة المباراة أمر غير مهني ولا مقبول، وهذا الرجل أدرى بمواثيق كرة القدم، ففي ظني أنه أشهر من أخلص وبذل لإسعاد جماهيرها وطنيا وفي ناديه على حد سواء، رغم ما واجه من الإعلام الرياضي المتعصب من مواقف محبطة.

ما يعنيني أن أستشهد به ككاتب اجتماعي وطني في ذلك الموقف هو أن يستفيد الوطن أجمع من هذه المواقف، فيقتنع ويقيم خططه على أساس الاعتماد على أبنائه المواطنين في كل مجال، ولا يركن ويعتمد على العنصر الأجنبي إلا في اكتساب الخبرات، ففي كل شأن وطني لن يبقى للوطن ويخلص له في كل الظروف غير أبنائه، ولعل موقف أجانب النصر يعيدنا ويذكرنا بالموقف الأهم الذي حدث إبان حرب تحرير الكويت عندما شد كثير من الأجانب الرحال هاربين إلى بلدانهم، فأذكر بحكم طبيعة العمل أن المستشفيات أصبحت شبه خالية من الأطباء والصيادلة والممرضات والفنيين، ولولا توفيق الله ثم الكوادر الوطنية القليلة التي ناوبت وعملت على مدار الساعة لحدثت كارثة، خصوصا أننا في حالة حرب وعدوان بالصواريخ.

نجاح النصر بعد أن تخلى عنه الأجانب في الاعتماد على العناصر المحلية واللاعب الخليجي الذي لا يعد عندنا أجنبيا ذكرني ويجب أن يذكر وطني، بأن الاستثمار الحقيقي يكون في أبناء الوطن، ولا ضير في الاستشهاد بموقف كروي مفيد.

مقالة للكاتب محمد الاحيدب عن جريدة عكاظ

13