منيرة تروي الحكاية : كان يا ما كان

بمكان يسمى مجازاً عروس البحر والشطآن. ملعب صغير من دخله أصبح شاهد عيان على ما اعتراه من سوء في التصميم والبنيان، طالما اشتكى منه الرجال والصبيان، إذ عفى عليه الزمان وتآكلت منه الأسقف والجدران. كان قدره تحت إلحاح الأهل والجيران أن يخضع لمشرط طبيب اشترط أن يكون ذا خبرة فنان ليعيد رسم صورته في شكل يبهر الأعيان. عندما وصل الطبيب المكان وبدأ في فحص الجسد الذبلان، وجد عللاً كالكثبان تنوء بحملها الأبدان، ففت في عضده وغدا يصبح ويمسي حيران، وبعدها دخل مشروع الترميم في غيبوبة النسيان.
هذه المقامة القصيرة ليست إلا تجسيداً لواقع إستاد الأمير عبدالله الفيصل الذي أجزم أن الجماهير الرياضية والأندية ندموا أشد الندم على مطالباتها بتحسين بيئته وإعادة ترميمه وتأهيله ليكون لائقاً رياضياً، وهي تراه يتخبط ويوشك أن يكون موقعاً مهجوراً وحدثاً بعد عين، بعد أن كان يسد ثغرة لم يع ِالمسؤولون وجودها إلا بعد أن عانى الجميع من الذهاب للّعب في الشرائع وتكبد مشقة الحجوزات ثم السيارات، فعلى الرغم من سوئه وعدم مناسبته قياساً بما يصرف للمشاريع في الرئاسة من مبالغ مهولة وما نراه في دول مجاورة من ملاعب أندية تفوق ملاعبنا الرسمية التابعة للمؤسسة الرياضية إلا أنه كان يؤدي ما يقيم الأود.
ومنذ أن أعلن ترسية ترميمه بذاك المبلغ الذي شد الانتباه والجماهير ترسم لوحة وردية وتقارن بين ما كان وما سيكون وتترقب بشوق جمال التغيير وروعة المنجز، وكانت ترى الجدية في العمل في بداية المشروع مؤشراً إيجابياً، ثم بدأ الأمر يتراجع في شكل مخيف يعلن بجلاء عدم التقيد بموعد التسليم وإعلان تأجيله ثم تبع التأجيل تأجيل حتى انتهى الأمر بتأجيل التسليم للعام المقبل بحسب آخر التطورات من دون الإفصاح عن الأسباب ببيان شفاف يضع الأمور في نصابها، ويوضح هل ما يعوق الإنجاز مشكلة جوهرية فعلاً؟ ومن هم أطرافها؟ أم أن الأمر يرجع إلى عدم توافر اليد العاملة والسيولة النقدية؟ أم أن هناك أشياء خارج الكواليس لا يعلمها إلا أصحاب الشأن؟
أسئلة كثيرة لا بد أن يجيب عليها المسؤولون بدلاً من عبارة سندرس الوضع، لأن الدراسة لدينا تعني مزيداً من التعتيم ومدارة الحال في وقت الجميع يبحث عن الوضوح والصراحة.

مقال للكاتبة منيرة القحطاني – الحياة

14