عثمان مالي: مدرب المنتخب اصبح كشافاً لمدربي الأندية

سؤال طويل وعريض، سيبدو معقداً ومحرجاً لو طرح على مسؤولي منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم، إداريين وفنيين يتعلّق بالأخضر ومشاركته في البطولة الدولية الودية الرباعية التي استضافها في الرياض وحل في فيها رابعاً؛ والسؤال هو ماذا ومن استفاد من البطولة؟ والسؤال يمكن أن يأتي بصيغة أخرى ما هي الإيجابيات والسلبيات أو المكاسب والخسائر التي خرج بها المنتخب من البطولة؟ وحتى لا يفهم أحد السؤال بطريقة خاطئة فإن المقصود منه هو (الشق الفني) البحت، وليس الجانب التسويقي أو المردود والمقابل المادي من البطولة!

إقامة البطولة قد يكون فيها مكاسب و(دخل) ولكن أياً كانت القيمة والمبالغ المالية التي دخلت خزينة المنتخب أو الاتحاد، فإن الخسائر أكبر بكثير، ولا يساويها ثمن، بل يصعب في قادم الأيام (ترقيع) نتاجها، بعد الهوة الكبيرة التي أحدثتها، سواء على الصعيد المعنوي للاعبين الذين شاركوا في المباراتين، خاصة ممن فوجئوا باختيارهم ولم يتوقّعوه، أو على صعيد الإحباط الذي دخل نفوس لاعبين كانوا يأملون ويؤملون في أن يقع عليهم الاختيار وتوقّعوا استدعاءهم لارتداء القميص الأخضر بناء على أدائهم ومستوياتهم وقراءة وتوقعات بعض الفنيين والنقاد المتابعين للكرة والدوري السعودي. الأسوأ من كل هذه المسافة الكبيرة التي أحدثتها البطولة في الثقة بين المنتخب وجماهيره العريضة، وهي مسافة كانت موجودة من قبل وظهرت مع إعلان قائمة الأخضر قبل البطولة ووضحت أكثر من خلال الحضور المتابع للمباراة في مدرجات استاد الملك فهد الدولي، والأكيد أنها اتسعت بعد المباراتين بصورة مخيفة.

أن التدريب ولا شك وجهة نظر، ولذلك فإن رؤية المدرب – أي مدرب – لا بد أن تقبل وأن تحترم، عندما يأتي على أساسها اختيار لاعبي قائمته وعناصر تشكيلته، والتسليم بأن الرأي له؛ فهو الأقرب والأدري بمن يخدمون أسلوبه وطريقته، غير أن التسليم المطلق له بذلك يرتبط بالنتاج الذي يظهر والنتائج التي تتحقق في المشاركات الرسمية، إما حبياً وفي المباريات أو البطولات الودية فعلى الأقل تقديم المستوى وظهور بوادر أداء ومنهجية لعب وطرح على الطبيعة والمستطيل الأخضر يوحي بأن هناك فكر وتوجه وخطوات عملية ستثمر وقت الحاجة وإذا جد الجد.

في كل العالم (عادة) يكون مدرب المنتخب أفضل من مدربي الأندية (الكبيرة) أو في مستواهم، ويعد مدربو الأندية بمثابة مساعدين أو (كشافين) للمنتخب ومدربه يقدمون له الأسماء القادرة والمؤهلة ويجهزونهم أيضاً ليكونوا أدوات المتتخب واللعب المختارين المقنعين، ويكون ذلك من خلال الأسماء والتشكيلات الأساسية لكل الفرق وتكون (الخيارات) عديدة ومتنوّعة أمام مدرب المنتخب، ولا يمكن أن يحدث العكس؛ لا يمكن أن يكون مدرب المنتخب هو (الكشاف) لمدربي الأندية باعتماد وتفضيل لاعبين احتياطيين وتقديمهم لهم، أياً كانت الصورة أو الطريقة التي يعتمدها والمناسبة التي يظهر فيها، وإذا كان ثمة (نظرية) يملكها في هذا الإطارفقبل أن تظهر على أرض الواقع وأمام الملأ من الضروري والمهم جداً أن يسبقه (إقناع) لمسؤولي المنتخب ومسيريه الذين يفترض أنهم جلسوا إليه واستمعوا وناقشوه قبل أن يقبلوا فكره ويصادقوا على توجهه، وبالتالي يشاركونه المسؤولية وتحمل التبعات، ويكون لديهم جواب على السؤال الذي بدأت به المقال وهو (ماذا ومن استفاد من البطولة) فهل يتحفونا بالإجابة؟!

كلام مشفر

* المتتخبات السنية هي التي يقبل منها اكتشاف اللاعبين واللعب بالمغمورين أو القادمين الجدد، وتكون بمثابة مفرخة حتى للأندية، أما المنتخبات الكبيرة والتي لها منهجية وإستراتيجية وأهداف كبيرة وبرامج تسير عليها فليس معقولاً ولا مقبولاً أن تكون (مشتلاً) أو مركز تأهيل للفرق

* الأخطاء التي تحدث في المنتخبات الوطنية، وبخاصة الأخضر الكبير ليست مقبولة في الوقت الراهن ولا يجب السكوت عليها، بعد أن أصبح المسؤولون عنه بل المسيرون للكرة السعودية كرويين متشبعين لا يعذرون ولا يمرر لهم بسهولة الأخطاء التي تحدث؛ القديمة المتكررة منها أو الجديدة الساذجة.

* كانت الانتقادات الموجه إلى لجنة الحكام الرئيسية صادقة وأمينة بعد أول جولتين في الدوري، بعد أن كانت الأخطاء ظاهرة ومؤثرة، وكانت بداية تلك الأخطاء من اللجنة، بأسلوب تكليفاتها، ودرجة اهتمامها بالمباريات، واختياراتها وأهدافها الضعيفة القائمة على الكم وليس الكيف.

* ولأن المشكلة تبدأ من اللجنة فقد أيقظتها الانتقادات، واهتمت في الجولة الثالثة بتكليف حكامها واختياراتها وأخذت بمقولة وضع الحكم المناسب للمباراة المناسبة، ولعلها تواصل وتستمر ولا تعود إلى المكابرة والعناد والاستخفاف ببعض الفرق الكبيرة وجماهيرها.

* خطيرة وخطيرة جداً الحرب الجديدة التي بدأت تظهر بوادرها بين بعض الاتحاديين مع بعضهم البعض، من خلال (تسريب) صور مستندات موثقة، سواء خطابات رسمية أو شيكات موقعة أو غير ذلك وشيك المائة مليون ريال خير شاهد.

* وسواء صح الشيك أو كان مفبركاً فإن عدم وقف هذه الحرب من قبل أصحابها واستمرار دعم بعض الإعلاميين لها ينذر بكارثة اتحادية وخسائر كبيرة وفضائح مجلجلة وخسائر كبيرة وتشويه وإساءة لأسماء سمعتها كانت مثل (البرلنت).

مقالة للكاتب عثمان مالي عن جريدة الجزيرة

17