الشيخ يكتب عن كشخة سامي

أكثر ما يلفتني في سامي الجابر اهتمامه بالتفاصيل، ولهذا كان حضوره في مباراته الرسمية الأولى كمدرب للهلال التي واجه فيها العروبة لافتاً للغاية، ليس في أسلوب اللعب الذي اختاره لفريقه وحسب، ولا في طريقة توجيهاته للاعبين وهو يقف على خط التماس فقط، ولا في تدخلاته أثناء سير المباراة بتغيير خط اللعب، أو بإشراك هذا اللاعب وسحب ذاك، بل في كل ذلك وأكثر.

لقد كان سامي لافتاً في تفاصيل التفاصيل، إذ بلغ اهتمامه حد الظهور بشكل لم يعتد عليه السعوديون من المدربين الوطنيين، حينما ظهر بزي “سبور” على طريقة المدربين الأوربيين، متخلياً عن ارتداء الملابس الرياضية التي عرف بها كل المدربين الوطنيين من قبله، لذلك كان حضوره ساحراً على طريقة الإسباني الشهير بيب غوارديولا، وهو ما دفع مناوئوه قبل محبيه لتبادل صورته عبر مواقع التصفح الاجتماعي والمباراة قائمة، مرة على سبيل التهكم، وأخرى بدافع الإعجاب، فكانت مباراة ثانية حمى الوطيس فيها.

لا أتصور أن سامي فكر كثيراً قبل أن يبادر بالظهور بهذا “الستايل” في أول مباراة رسمية له، فقد ظهر بمثل ذلك في مؤتمره الصحفي الأول بعد إمضاء عقده كمدرب للهلال، كما خرج قبل ذلك أيضاً في حوار تلفزيوني من باريس حينما كان يعمل مساعداً في أوكسير الفرنسي؛ إذ ارتدى معطفاً شتوياً فاق من خلاله أناقة الفرنسيين وبلغ به أقصى ما تكون عليه الأناقة الإيطالية، ومن يعرف سامي جيداً يدرك أنه ليس من النوع الذي يدير ظهره لسماع همسات المتربصين، ولا هو من يطيل الوقوف عند ثرثرة المبغضين.

اللامبالاة التي يبديها سامي ل”القيل والقال” كانت سبباً مباشراً في كل النجاحات التي حققها في مشواره الرياضي، لاعباً أو مدرباً، وهي سلاحه في مشواره الجديد كمدرب، وقد مهد لذلك منذ اللحظة الأولى لإعلانه قرار خلع ثياب الإداري وارتداء قميص التدريب، ولا أحد ينسى الهجمة التي تعرض لها حينما أعلن عن تعاقده مع أوكسير الفرنسي، وما صاحب ذلك من حلقات تلفزيونية ومقالات صحفية، وتعليقات في مواقع التصفح الاجتماعي.

يومها قيل إن سامي إنما دفع من جيبه ليعمل في النادي الفرنسي، وإن وجوده هناك لا يعدو مجرد متدرب على حسابه الخاص، وإن رحلته الأوروبية ليست سوى فرقعة إعلامية جديدة، وتبارى المتبارون لإثبات ذلك حتى أنهم ذهبوا خلفه، واستنطقوا من استنطقوا، واختلقوا ما اختلقوا، ورغم ذلك واصل مشواره نحو هدفه الرئيس، فيما لا يزالون هم حتى الآن يبحثون عن دليل إثبات بأن من ارتدى البنطال البيج والقميص الأبيض، وظهر بتلك “الكشخة” في استاد الملك فهد ليس مدرباً!.

مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض

10