اتحاد التكنوقراط من التكليف إلى التأليف!

محمد الشيخما يبدو لافتاً في طريقة توزيع لجان الاتحاد السعودي لكرة القدم أن الحقائب ذهبت لمتخصصين، وهو ما يعطي انطباعاً أن الاتحاد المنتخب لجأ إلى نظام إدارة التكنوقراط، الذي يقوم على إسناد المهام إلى الكفاءات الفنية المتخصصة، وهي تجربة تستحق أن تمنح الثقة؛ خصوصاً هي الأولى في نوعها بعد سنوات كان يتم فيها توزيع اللجان بطريقة تبدو عشوائية؛ إذ لا تستند إلى نظام أو هوية معينة، فلا هي التي تعتمد على المحاصصة، ولا التي تقوم على خيار الكفاءة، ما جعلها تتسبب غالباً في توتير الساحة الرياضية.

اللافت أكثر في أمر توزيع اللجان أن العملية تمت بسلام بل وبترحيب شديد من الوسط الرياضي؛ خصوصاً من جانب الإعلاميين، وهو أمر لم يكن معهوداً أيضاً في سنوات سابقة وحتى عهد قريب؛ إذ كثيراً ما تشهد العملية معركة إعلامية طاحنة؛ حيث ينقسم الإعلاميون كل بحسب ميوله، ويبدأ على إثرها الصراع على جر النار إلى قرصهم، لاسيما على مستوى اللجان السيادية.

المسألة في تلك السنوات لم تقف صعوبتها على عملية تكليف رؤساء اللجان فقط، وإنما تزداد تعقيداً عند عملية التأليف باختيار الأعضاء، إذ يتبارى الإعلاميون، وقبلهم مسيرو الأندية في التدقيق في الأسماء وتوزيعها على اللجان، إذ لا يكتفون فقط في وجود ممثل لهذا النادي أو ذاك في هذه اللجنة أو تلك، وإنما ينظرون في نوعية اللجنة وأهميتها، وهو ما يكشف عن غياب مبدأ الثقة بين كل أطراف المعادلة؛ حيث ينظر للعضو على أنه ممثل لناديه داخل الاتحاد، وليس ممثلاً لاتحاد الكرة.

في ظل هذا التعاطي الصعب نجح الاتحاد المنتخب في العبور لشاطئ الأمان، بنجاحه في عملية التكليف، فالأسماء التي وقفت على قمة هرم اللجان التي وزعت حقائبها حتى الآن لا خلاف على كفاءتها ومهنيتها، فجميع الرؤساء ومعهم النواب يملكون من الخبرة الطويلة والتجربة الثرة ما يعزز التفاؤل بهم؛ لكن يبقى أمر عملية تأليف اللجان من الأهمية بحيث لا تقل عن عملية تسمية الرؤساء إن لم تكن أصعب.

السبب في ذلك أن عملية ترسية اللجان على أعضاء اتحاد الكرة، وإن بدا أنها تمت وفق منهج تكنوقراطي؛ إلا أنها في الوقت نفسه لم تخلُ من شكل من أشكال المحاصصة؛ إن بطريقة أو أخرى؛ خصوصاً بين أندية الصف الأول والثاني في طابور المنافسة الكروية، ولذلك فإن عملية ترشيح الأعضاء العاملين على اللجان تحتاج إلى عملية دقيقة وحذرة بحيث لا تفتقد الكفاءة، ولا تغفل المحاصصة؛ شريطة أن تكون الغلبة أولاً وأخيراً للمهنية.

من هنا لا بد من التشدد في مسألة الاختيار بأن تتم وفق رقابة دقيقة، ويقظة شديدة؛ بحيث لا يميل عمود التوازن في هذه اللجنة أو تلك، لمصلحة نادٍ معين، ما يفقدها الحياد والثقة، كما وينبغي ألا تقفز عملية الاختيار على الكفاءة والتنوع بحيث تكون هناك عملية مسح شاملة للتفتيش عن الأكفأ للعضوية، وليس الأقرب في العلاقة، بما لا يمنع أن يكون العضو من الرياض أو شرورة، أو من جدة أو تاروت، أو من الدمام أو القيصومة، فكلها في نهاية المطاف كفاءات وطن واحد.

نقلاً عن الرياض

15