مع أحمد عيد في 100 يوم

محمد الشيخيمضي أحمد عيد رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم هذه الأيام سائراً في مشوار المائة يوم الثانية في طريقه الصعبة في رئاسة الاتحاد، والمقرر بأربع سنوات، بعدما أكمل المائة يوم الأولى مطلع الأسبوع الجاري، وهو بذلك يكون قد دخل مرحلة «اختبار القدرات» كأول رئيس منتخب في تاريخ الكرة السعودية؛ ولهذا يأتي السؤال: هل نجح أحمد عيد في الاختبار أم رسب؟!

الإجابة بنعم أو لا على السؤال ستكون بمثابة الحكم الانطباعي ما لم يتم استحضار أهم الملفات التي كانت على طاولة الرئيس المنتخب، وهي التي كانت ساخنة حد الغليان، بدءاً من ملف الخروج من لعبة التكتلات التي أفرزتها الانتخابات، مروراً بملف التعيينات، وليس انتهاءً بملف المنتخب الوطني، وبين كل تلك الملفات ملفات أخرى لا تقل سخونة كملف مديونيات الاتحاد العالقة.

الملف الأول والمعني بالتكتلات التي بنيت على إثر الدخول المفاجئ للمرشح الرئاسي الخاسر خالد المعمر فقد كان صعباً وحرجاً؛ خصوصاً وأن عيد فاز في الدورة الثانية من الانتخابات بفارق صوتين عن منافسه ما يعني أن نحو نصف أعضاء الجمعية العمومية تقريباً لا يصطفون معه، وبالتالي فإن ذلك يعني احتمالية ظهور معسكري موالاة ومعارضة داخل الجمعية العمومية، وبالنتيجة داخل الاتحاد نفسه.

ذلك ما حدث بالفعل؛ إذ انقسمت الأندية ذات السطوة إلى معسكرين، حيث ظهر نادي الهلال ومن خلفه الشباب كمعارضين لسياسة عيد، في حين بدا الأهلي والنصر ومعهم الاتحاد كموالين له، وهو ما بدا مؤرقاً للرئيس المنتخب الذي وجد نفسه فجأة في مواجهة إعلامية تبدت بوضوح بعد قرار التعديل في جدول الدوري، وهو ما أدخل عيد في أزمة لم يستطع معالجتها، ولا يلوح في الأفق قدرته على ذلك مع تحول الأمور إلى مواجهة بين معسكرين لا مجرد خلاف عابر يمكن حلحلته.

وفي ملف التعيينات إن على مستوى الأمانة أو اللجان، فعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت لعيد في إبطائه في عملية التغيير بتأجيل الأمر إلى نهاية الموسم إلا أن ذلك يحسب له لا عليه، باعتبار أن تشكل الاتحاد جاء في منتصف الموسم، وأي تغييرات جذرية كان يمكن أن تربك الأمور، فضلاً عن أن مسار الملف يوحي بالعمل على اختيارات دقيقة مبنية على الكفاءة وليس المحاصصة، وهو إن تم فسيكون «اتحاد عيد» قد نجح بامتياز في معالجة هذا الملف.

أما على مستوى ملف مديونيات الاتحاد فيحسب له الشفافية التي بدا عليها من خلال اجتماع الجمعية العمومية بإعلان الميزانية لأول مرة بما حملت من أرقام؛ خصوصاً فيما يتعلق بالمديونيات؛ لاسيما الخاصة بالأندية، والتأكيد على الالتزام بالإيفاء بها، وهو أمر لم نعتده طوال عمر الاتحاد، وهو ما يؤكد بالفعل على أنه يعيش مرحلة انتقالية حقيقية وليست شكلية.

وفي شأن ملف المنتخب فيعد حتى الآن هو الملف الأنجح على الإطلاق؛ إذ على الرغم من الإرباك الذي صاحبه لاسيما بعد الفشل في «خليجي 21»، وهي المشاركة التي تحسب في رصيد الاتحاد السابق وإن جاءت في العهد الجديد، إلا أن المعالجة جاءت سريعة وناجحة من خلال تغيير المدرب ريكارد والجهاز الإداري والتي أثمرت الفوزين الثمينين على الصين وإندونيسيا في التصفيات المؤهلة لكأس آسيا؛ لكن يظل الحكم بالنجاح المطلق معلقاً فالمطلوب أكثر من ذلك بكثير.

تلك الملفات تؤكد أن أحمد عيد وإن تعثر في بعض خطواته إلا أنه نجح في سيره في تجاوز مرحلة البداية الصعبة؛ لكن لا يعني ذلك أن الطريق باتت سالكة؛ خصوصاً وأن المشوار طويل، ومحفوف بالكثير من المخاطر، سواء في الاستحقاقات الداخلية أو الخارجية، وهو ما يتوجب منه الحذر ليس من مناوئيه، بل من مناصريه قبل ذلك، وإن غداً لناظره قريب.

نقلاً عن الرياض

9