برادلي: أمام مصر فرصة استثنائية

برادلي

كانت 18 شهراً مليئة بالتحديات منذ أن استلم بوب برادلي منصب مدرب المنتخب المصري.

حيث شغر هذا المدرب المخضرم ابن الخامسة والخمسين مركزه عقب الثورة المصرية وواجهته فوراً كارثة بورسعيد في فبراير/شباط من العام الماضي وهو ما أدى إلى اضطرابات كبيرة وتوقف للدوري المحلي.

وفي مقابلة مع موقع FIFA.com تحدث برادلي عن الأوقات العصيبة التي مر بها، وعن الجهود التي يبذلها أبطال القارة سبع مرات للتأهل إلى البرازيل 2014 والإستعداد لمواجهة زيمبابوي في 26 مارس/آذار.

موقع FIFA.com: ما هي التحديات التي انطوى عليها عملك منذ كارثة بورسعيد وتلك التي تعترض طريقك في سبيل تشكيل منتخب وطني قادر على المنافسة؟

بوب برادلي: المأساة في بورسعيد أدمت قلب كل المصريين، وأثّرت بالتأكيد على مجتمع كرة القدم. التحدي التالي تمثل بمنح اللاعبين الوقت والحديث إليهم من أجل تقديم الدعم بأية طريقة ممكنة. تطلب الأمر منا مواءمة الظروف، واكتشاف طريقة لجعلهم يستمرّون في التدريب والمحافظة على مهاراتهم. حاولنا استغلال كل الفرص لإجراء معسكرات تدريبية، وما نجحنا في القيام به عبر ذلك هو تأسيس ثقة واكتشاف نوعية التواصل [التي يجب اتباعها]. تحدثنا عن حقيقة أن أمامنا هذه الفرصة، وأن الشعب المصري لديه هذا الحلم بالتأهل إلى كأس العالم، وأن هذه هي في النهاية مسؤوليتنا. وحاولنا أن نوصل هذه الأفكار في كل مرة نأتي إلى هذه المعسكرات ـ في بعض الأحيان أستخدم تعبير “إنها فرصة للتنفس” ـ وأنه لا يجب أن ننسى ما حدث في بورسعيد، لكننا أردنا أن نمضي الوقت سوية لتكون طريقتنا للتركيز على كيفية بناء فريق والمضي قُدماً بحيث تكون أمامنا فرصة التأهل إلى كأس العالم.

 

كيف كان تجاوب المجموعة مع هذا؟

قلتها مراراً وتكراراً إن استجابة اللاعبين طوال الفترة، والإيمان الذي أظهروه، كانا مذهلين، وهو ما كان الأساس الذي بنينا عليه. يستحقون التهنئة لأن جميعهم مرّوا في لحظات لم يكونوا متأكدين مما يجري حولهم بخصوص مشوارهم الكروي. معظمهم لم يكن يحصل على مُرتّباته، وإذا وضعنا كل هذا جانباً، يُشهد لهم وحدهم الإضطلاع بالتعامل مع الأمور بهذه الطريقة. أكنّ احتراماً هائلاً لجميعهم طوال هذه الفترة.

 

إلى أي مدى يعود الفضل في ذلك إلى المجموعة ذات الخبرة في قلب الفريق، أم من العدل القول إنه كان هناك انتقال حقيقي إلى جيل جديد؟

الأمران سوية في حقيقة الأمر. بالنظر إلى كل ذلك النجاح الذي حققه اللاعبون القدامى في كأس الأمم الأفريقية، وبخاصة مع الأهلي، فإن الأمر الذي يفتقدون إليه في الحقيقة هو كأس العالم. هناك لاعبون شبان موهوبون للغاية مثل محمد صلاح وأحمد حجازي ومحمد النيني ومحمد إبراهيم وبإمكاني ذكر الكثير غيرهم. لكن من المهم دائماً أن نتذكر أنه بالنسبة إلى لاعبين مثل محمد أبو تريكة، فإن هذه هي فرصتهم الأخيرة للعب في كأس العالم. وبالنسبة للاعبي من ذوي الخبرة، فإن نقل هذه الرغبة العارمة [باللعب في كأس العالم FIFA] إلى اللاعبين الشبان، هو الأمر الجوهري. حماستهم هي جزء من عملية الإنتقال التي تؤسس على خبرة هذا الجيل العظيم من اللاعبين، وتتحول باتجاه اللاعبين الشبان المستعدين للإضطلاع بأدوار هامة.

 

ما مدى أهمية أبو تريكة في هذا السياق؟

عندما وصلت إلى هنا أول الأمر، تولّد لدي انطباع من العديد من الأشخاص أننا بحاجة إلى فريق جديد، وأن بعض اللاعبين متقدمون في السن. لم يكن أبو تريكة يلعب كثيراً عندما أتيتُ، ولم نختاره للعب أول مباراة ودية، وتعلمون ما كان ردّه، وهو ما يُظهر شخصيته ونزاهته؟ لم يشتك على الإطلاق، وأدرك أنه يتعين عليه إظهار قدرته على أن الإستمرار بلعب دور كبير مع المنتخب. وبعد ذلك بدأ اللعب أكثر، وأعتقد أنه لا يزال بوسعه لأن يُقدم للمنتخب على مستوى البصيرة والموهبة والذكاء في اللعب. في كل مرة يُذكر الموضوع، كان يقول الناس “بوسعك اختيار أبو تريكة.” إنه يتمتع بشعبيه هائلة، والناس يحبّونه ويحترمونه ليس فقط كلاعب، بل كإنسان. كما قام بكل الخيارات الصائبة لكي يحافظ على نفسه على أعلى المستويات. إنه بدون شكّ قائدٌ لنا، ويجلب معه خبرة وذكاء بطريقة يمكن أن تُحدث فارقاً كبيراً في المجموعة.

 

ما هي حالة الفريق فيما يخص المباراة مع زيمبابوي؟

الخبر الجيد هو أن الدوري انطلق مجدداً، وهو ما يعني أن هناك لاعبين داخل مصر يخوضون مباريات بشكل منتظم. هناك أيضاً المزيد من اللاعبين الذين يخرجون من مصر. أي أنه بينما نواجه صعوبات هنا، تظهر فرصٌ أخرى. وهو ما يجلب شعوراً جيداً إزاء ذلك. أمامنا مباراة مع زيمبابوي ومن ثمّ مباراتان في يونيو/حزيران، ومن ثم المباراة الأخيرة في سبتمبر/أيلول. لم نصل لما نبتغيه، ولكن شعورنا جيد فيما يتعلق بأول نتيجتين حققناهما، ونسير بنهج مؤمنين به. التأهل في أفريقيا صعب، حيث نواجه في مباراتي ذهاب وإياب منتخباً فائزاً بمجموعة أخرى، فلا هامش للخطأ. لكننا نحاول الإستفادة من كل لحظة وكل مباراة للتعلم ولكي نصبح أكثر ثقة. نشعر بالإثارة لكوننا سنعود إلى تصفيات كأس العالم بعد تسع أشهر.

 

يبدو أنك نجحت بتشكيل رابط متين مع الفريق، هل راودتك في أية مرحلة هواجس بشأن هذا؟

عندما بدأت مشاورة الناس بخصوص استلام هذا المنصب، أدركتُ أنه سيكون تحدياً فريداً ومذهلاً وتجربة رائعة. ما من شكّ في أن الأمر الذي لم يتوقعه أحد هو مأساة بورسعيد. لكن استجابة اللاعبين، وحالما بدأنا ندرك أن علينا جميعاً القيام بأمر ما يعني الكثير بالنسبة للجميع في البلاد، وأن نضطلع بإدارة الأمر، فإنه يتعين علينا أن نكون ملتزمين. نطلب من الناس أن يثقوا، ولم يكن هذا موضع شكّ على الإطلاق. عندما أتيت إلى هنا، راودني شعور قوي بأنه يتعين علينا التواجد معاً بشكل دائم، وليس في جزء من الوقت. يتم كثيراً توجيه السؤال لي “هل فكرت بالرحيل؟” والإجابة دائماً ما تكون واحدة: يوجد لدينا مجموعة ونحن ملتزمون بما نحاول إنجازه، وهو التأهل إلى كأس العالم في البرازيل.

9