حلاق اتحاد الكرة

أسلوب المحاولة والخطأ هو واحد من أفشل الأساليب في أي عمل؛ إدارياً كان أو تربوياً وحتى رياضياً، فهو ينبني على جهل بالأساليب العلمية، وضعف في الخبرة الإدارية، ولذلك يقضي ممارسو هذا النوع جل تجاربهم العملية في الفشل حيث لا يغادرون تجربة فاشلة إلا ليدخلوا أخرى شبيهة لها.

ذلك ما يحدث تماماً مع الاتحاد السعودي لكرة القدم الذي يمر اليوم باللفة الأخيرة في مضمار العمل بإدارة الكرة السعودية حيث يمضي نحو العام الأخير من دورته الانتخابية، ورغم ذلك لا يزال حتى اجتماعه يوم أمس الأول يدور في حلقة الفشل المفرغة غير قادر على مغادرتها، فقراراته التي أصدرها تبدو لمن يتابع أعمال الاتحاد لأول مرة بأنه يرصد أعمال اتحاد جديد للتو تسلم مهامه بما فيه من قرارات وتعيينات.

ما يفعله هذا الاتحاد بالكرة السعودية هو أشبه تماماً بذلك الحلاّق الذي يتعلم الحلاقة في رؤوس الأيتام، فالهوان الذي تمر به الكرة السعودية سمح لهذا الاتحاد ليعيث تجريباً وتخريباً في الكرة السعودية، ولا أدل على ذلك من قراره بتشكيل لجنة تحقيق في قضية سعيد المولد والتي أثارها النادي الأهلي، وهو بذلك يريد أن يستذكي على الأهلاويين وعلى الوسط الرياضي، وإلا فكيف به أن يشكل لجنة وهو المُدَعى عليه من قبل إدارة الأهلي، وهو بذلك كأنه يقول للأهلاويين: نعم أنا الخصم والحكم ولتشربوا من البحر!.

السؤال البسيط الآن: كيف للأهلاويين والشارع الرياضي معهم أن يقتنع بنتائج لجنة التحقق التي سيرأسها المحامي الدكتور صالح الخضر، وهي التي تشكلت بقرار من الاتحاد السعودي وهو المتهم في القضية، ثم كيف لنا أن نضمن حيادية اللجنة – مع الاحترام لأعضائها – وهي التي لا تتمتع بالاستقلالية، وهي أحد أهم شروط التقاضي، مثلها في ذلك مثل لجنتي الانضباط والاستئناف اللتين فقدتا الاستقلالية في الاتحاد السعودي بمجرد أن أعفى الاتحاد اللجنتين السابقتين وأعاد تشكيلهما دون الرفع للجمعية العمومية.

ما يضحك أكثر – وشر البلية ما يضحك- هو قرار تسليم أحمد عيد الإشراف على نظام TMS بديلاً عن ذلك الموظف الصغير المدعو خالد شكري الذي حمل وزر الاتحاد وأخطاءه في قضية المولد وأصبح الشماعة التي توضع عليها كل الفوضى التي أدير بها ملف القضية، ولنا أن نتخيل أن رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم وعضو المكتب التنفيذي في الاتحاد الآسيوي أصبح معنياً بالإشراف على إدخال وإخراج بيانات اللاعبين المحترفين!.

ما دار في الاجتماع الأخير وما صدر عنه من نتائج يؤكدان بأن سياسة “حلاق الأيتام” ستظل معتمدة في الاتحاد حتى يستطيع النادي الأهلي انتزاع حقه في ما حاق به من تعدٍ واتهامات واستعداء، وإن لم يستطع الأهلي بكل ما يملك من قوة شرفية وماكينة إعلامية وحشد جماهيري من انتزاع ذلك الحق فعلى كرتنا السلام، إذ كيف بأندية كالخليج ونجران وهجر التي ليس لها من بواكي في هذا الاتحاد أن تأخذ حقوقها.

الحقيقة التي يجب أن ندركها أنّ لا خلاص لواقع الكرة السعودية السيئ إلا برحيل هذا الاتحاد الذي أثبتت الأيام أنه أنه إن كان يجيد شيئاً فلا يجيد سوى اختلاق المشاكل وابتكار الفوضى وتأزيم الأحداث، ولن يكون الخلاص إلا بانقلاب من داخل الجمعية العمومية وهو ما لن يكون بعدما أصبحت مجرد حبر على ورق، أو الانتظار لعام كامل بكل ما سيحمل من مرارة حتى يحين شهر ديسمبر من العام المقبل.

10