محمد الشيخ يهنئ : سنة حلوة يا ريَِس

محمد الشيخ

عام بتمامه وكماله مرّ على رئاسة الأمير عبدالله بن مساعد للرئاسة العامة لرعاية الشباب، وهو ما سمح للكثير من المراقبين بمختلف شرائحهم لاستصدار كشوفات الحساب لتقييم المرحلة، خصوصاً وأنها حملت الكثير من الآمال بنوعيها، آمال النجاح، وآمال الفشل، سواء بالنسبة للمؤمنين بالرياضة كمشروع وطني، متجاوزين في نظرتهم له أزمات الميول وعقد الألوان، أو بالنسبة للمتعاطين معها كمزرعة يحصدون من خلالها مبتغياتهم الشخصية، وأمانيهم الخاصة.

هنا أستعير وسماً أطلق في (تويتر) في اليوم الأول لمرور عام على رئاسة الأمير عبدالله تحت عنوان “سنة حلوة يا ريّس” لأفتح من خلاله نافذة على العديد من الملفات التي قاربها الرئيس العام خلال السنة الفائتة، والتي حملت تباشير النجاح في مرحلة قادمة ستتأسس عليها.

ليس سراً ولا من قبيل التعريض بمراحل سبقت حين القول بأن الرياضة السعودية وخلال عقد ونصف قد ضربها زلزال أودى بها لتصدعات قوية، سواء على مستوى منظومة العمل الإداري بشكل عام، أو على مستوى الأداء والرقابة، وكذلك على مستوى النتائج، وهنا لا أتحدث عن كرة القدم وحسب، وإنما عن الرياضة السعودية بكل نواحيها.

هذا الواقع كان يحتاج إلى إحداث انقلاب حقيقي، وليس مجرد معالجة شكلية للأزمة، وذلك بضرب جبل المشكلات من أساساته، وهو ما كان، إذ بدأ الانقلاب من الداخل في رعاية الشباب واللجنة الأولمبية بإعادة هيكلة المؤسستين إدارياً، وهو ما سمح بدخول قيادات متخصصة، ومؤمنة بمشروع الإصلاح، ولعلنا نتذكر جيداً ما أعلنه الأمير عبدالله عن حاجته لثلاثة أشهر للإبدال والإحلال في الهيكل الإداري.

تلك الخطوة كانت الانطلاقة لفتح الأدراج واستخراج العديد من الملفات والتي كان بعضها محكم الإغلاق، ففي رعاية الشباب كان ملفا المشروعات والصيانة من الملفات الشائكة، والتي ظلت مثار لغط من الشارع الرياضي بل حتى من مجلس الشورى، إذ وقفنا على قيام الرئيس العام بسحب مشروعات متعطلة، من بعض المقاولين وتذليله العقبات أمام مشروعات أخرى، فضلاً عن تحركاته لمعالجة واقع شركات الصيانة.

لم تقف مقاربة الأمير عبدالله للقضايا التي تعد بمثابة رأس جبل الجليد، وإنما ولج إلى بيئة الملاعب والاستادات الرياضية وتنويع مصادر دخلها، والاهتمام بالفئات السنية والأكاديميات الرياضية، وضخ الكوادر السعودية في المنظومات الدولية، بحيث يكون التمثيل بقيمة المملكة ووزنها كماً ونوعاً، والعمل على حفظ تاريخ الرياضة السعودية وتوثيقه، ودراسة العدد المناسب للأندية في المملكة بشكل علمي دقيق، فضلاً عن معالجة العديد من اللوائح وأهمها لائحة الجمعيات العمومية للأندية، والتي هي أزمة متجذرة في حد ذاتها.

اللجنة الأولمبية وحدها كانت بمثابة ورشة عمل لا تهدأ، فبعد معالجة الهيكل الإداري، وتحسين بيئة العمل، كان من أولويات التصحيح بناء خطة إستراتيجية تستهدف معالجة الواقع المتدهور للرياضة السعودية في غالب الاتحادات الرياضية، فكان أن انبثق منها برنامج “ذهب 2022” الذي أعاد الأمل للرياضيين، وقد بدأنا نلمس الكثير من المعالجات في ميزانيات وعمل الاتحادات.

قدر الأمير عبدالله أن يتجاوز دوره رعاية الشباب واللجنة الأولمبية إلى اتحاد الكرة يوم أن احتكم له مجلس الاتحاد وجمعيته العمومية لمعالجة الأزمة العالقة بينهما، والتي تبدأ بالنظام الأساسي ولا تنتهي عن العديد من القضايا المفصلية، فكان النجاح حليفه في حلحلة أصعب قضية رياضية بتسوية النظام الأساسي وإنهاء الخلاف الدائر، وهو الذي عالج قبل ذلك أزمة النقل التلفزيوني، وتوزيع حقوق النقل بكل تعقيداته، وأنقذ استضافة “خليجي 22”.

الحقيقة التي لا مناص منها تجعلنا نقول بفم ملآن أن عبدالله بن مساعد عالج جسد الرياضة السعودية وهو المثخن بالجراحات المميتة، بل إنه أحيا الأمل في أن يكون هذا الجسد أقوى مما كان عليه في السنة الأولى، ما يجعل السنة الثانية أفضل من سابقتها بكل ما فيها من نجاحات تجعل المنصفين يقولون بقناعة تامة: سنة حلوة يا ريّس.

 

عن الرياض

11