عيسى الجوكم | غيّرت عنواني..!!

سماؤهم ضبابية، وبحرهم هائج، وموجتهم عالية، وهم الذين كانوا ينعمون بالصفاء كلما نظروا إلى الأعلى، وبالهدوء كلما أبحر قاربهم، وبالترويض كلما واجهوا أسودا في طريقهم، قبل أن يتحولوا لحمل وديع يهابون حتى النعام..!!

 هم الذين كانوا لا يرضون بالأوسمة والنياشين رغم كثرتها، ولا يشبعون من السطو على الألقاب مهما كان عدد حراسها وجنودها وعتادها، ولا يركنون لمبدأ “استراحة محارب” في مسيرتهم، فهم الفرسان في كل جولة وكل بطولة وكل معترك، قبل أن يتحولوا لكسب جولة وخسارة معارك..!!

 ما كان في أمسهم عارا أصبح اليوم بطولة، وما كان في ماضيهم وقاحة، أصبح اليوم شجاعة. فلا غرابة أن ينشر غسيلهم على الملأ، بعد أن كان الكتمان عنوانهم.

 أضاعوا طريقهم، وبدلوا عنوانهم، والعجب تحول مسيرتهم لفرح عارم من فتات، والسير على عكاز من بقايا مجد أصبح حلما بعد أن كان واقعا على خارطة (البحر والبر).

 ما أصعب الذل بعد العز “ارحموا عزيز قوم ذل”، وما أصعب الفقر بعد الغنى، والحزن بعد الفرح، والرسوب بعد النجاح، خصوصا لأولئك العشاق الذين سبحوا في نهر عذب من السرور والبهجة.

 لم يعد المشهد يحتمل، فقد أصبح الإمبراطور جنديا يهاب حتى الجيوش الضعيفة، والأدهى أنه يحتفل لاحتلال قرية، بعد أن كانت سطوته تمتد لبطش أعتى الجيوش والدول.

 من غيّر استراتيجيتهم؟ ومن قدم لهم الذخيرة المتهالكة؟ ومن أفقدهم الحماسة والطموح، ومن حوّل واقعهم الهمام لسراب؟ باختصار من هو الجاني ومن المجني عليه؟

 من اغتال حلم جابر عثراتهم وهو يركض في معركته الأولى؟ ومن خدعهم بعيون لا ترى الطريق جيدا حتى في وضح النهار؟ ومن زرع الشوك في دربهم بعد أكاليل الزهور التي افترشت مسيرتهم لسنوات طوال؟

 أعيدوا البسمة لأولئك الذين شكلوا لكم تاريخا لا يضاهى، ونشروا روايتكم في جغرافيا متعددة، حتى أصبح ناديكم أشهر من نار على علم، ونجومكم أبطالا لقصص الأطفال والكبار وفي كل الأقطار.

 هل ما زال عنوانكم، كما هو سابقا، في شارع البطولات، في حي الألقاب، في مدينة الإنجازات، في دولة البطولات، في إمبراطورية الأوسمة والنياشين.

 بصراحة، ذهبت لعنوانكم السابق، وتاهت خطواتي ما بين الصورة ماضيا وحاضرا، فقد تغير المكان، ويبدو أن الزمان ليس زمانكم، فلم أجد سوى شوارع غير مسفلتة، ومنازل مهدمة، وأحياء بلا خدمات، ومدن بدون إنارة، ودولة غابت عنها الإنجازات، وحضارة إمبراطورية كانت نبراسا لكنها في وقتنا الراهن معلقة في جسر العودة واللا عودة، فمتى يهل هلال إنجازكم من جديد؟!

16