الجوكم: الأثرياء.. رحمة بالفقراء!

حرب «الرعاية» احتدمت مؤخرا بين الأندية، وهي الحرب التي نرغب أن تشتعل أكثر وأكثر، بل ونرغب بارتفاع وتيرتها حتى لو أحرقت الأخضر واليابس؛ لأنها السبيل الوحيد لامتلاء خزائن خاوية لأندية جماهيرية، ولأنها تؤسس لرياضة حقيقية تنعش الموارد الذاتية وتلغي الاعتماد على الدولة أو البقاء تحت رحمة الوصاية للشرفيين، والأهم أنها تحقق أهداف الاحتراف الواقعي وليس الورقي والنظري.

 وأعتقد أن ما تتمتع به المنافسات السعودية في كرة القدم من قاعدة جماهيرية وإعلامية في الخليج العربي تحديدا، يغري الكثير من الشركات الكبرى للدخول في سلك التسويق والإعلان في رحاب أنديتها.

 وإذا كان الهلال متسيدا الساحة في المواسم الثلاثة الماضية في تطوير مداخله وموارده برعاية متعددة من شركات كبيرة لها اسمها وأرضيتها وقاعدتها الصلبة، فان الأهلي والاتحاد دخلا بقوة على الخط في سباق الأفضلية رقما وسمعة، وأعتقد أن النصر مقبل على نفس السيناريو في المستقبل القريب.

 لقد تأخرت هذه الخطوة سنوات طويلة، لكنها طلت نهاية 2014 للأندية الجماهيرية الكبيرة بقصة نجاح دخلا وسمعة وترويجيا وتسويقا، بل ان الحمى في دائرتها أخذت تنافس إثارة المستطيل الأخضر، وهذا التناغم سينعكس على استقرارها في المستقبل.

 أعتقد أن هذه الثقافة الجديدة في عمل إدارات الأندية ستؤسس لمرحلة أكثر نضجا في عالم كرة القدم المحلية، لاسيما أن الالتزامات المالية والديون بدأت تهدد كيانات كبيرة وتدارك هذا الكابوس بالعمل المؤسساتي المبني على قاعدة «المال» سيمنع كوارث مستقبلية.

 لا يمكن فصل المال عن الرياضة في وقتنا الراهن، بل ان الرياضة أصبحت صناعة حقيقية، ومن لا يملك المال سيكون غير مؤثر على الساحة مهما كانت إنجازاته وبطولاته في الماضي القريب، ولنا في الاتفاق والقادسية عبرة في هذه المعادلة.

 لكن السؤال الأخطر في الرؤية الجديدة للمنافسات المحلية السعودية لكرة القدم هو .. كيف تستطيع أندية الدخل المحدود الصمود في وجه هذا البعبع الجديد الذي يسمى «رعاية»؟!

 الإجابة خطيرة جدا ولا تحتاج لشرح وتفسير، فالمتتبع لمسيرة الدوري في الموسمين الماضي والحالي يدرك أن فرق المقدمة الجماهيرية في واد وثلثي فرق الدوري في واد اخر نتائجيا وماديا، ففي الموسم الماضي تنافست أكثر من سبعة فرق للبقاء في دوري الكبار، ويبدو أن السيناريو سيتكرر هذا الموسم.

 أتمنى ألا يتحول الدوري لأغنياء وفقراء، والمطلوب تحرك الفئة الأخيرة للنيل «من الحب جانب».

مقالة للكاتب عيسى الجوكم عن جريدة اليوم

9