الفرج يكتب: محترفون لا يركضون!

تعود الحياة لكرة القدم السعودية بعد فترة راحة قسرية تضمنت متابعة واحدة من أجمل نسخ كأس العالم، التي خرجنا منها بفوائد عدة أهمها أن الأرض والجمهور والتاريخ ليس كافياً لإحراز لقب في غياب النجوم الحقيقيين، كما أن النجم الواحد مهما قدم مع ناديه طوال الموسم لا يعني أن يكون وحده قادراً على فعل شيء في مونديال لا يحرزه سوى من يملك أكبر قدر من النجوم المميزين، ومن يعتمد على الأداء الجماعي الذي يجعله لا يتأثر بغياب مفاجئ لأي من نجومه؛ فضلاً عن تميز واستقرار الجهاز الفني.

الاستفادة من كأس العالم يجب أن تكون شاملة بإيجابياتها المتعددة وكذلك سلبياتها الظاهرة؛ بدءاً من حفل الافتتاح والتنظيم وانتهاء مع تسليم جوائز الفائزين، في جوانب التحكيم وأخطائه القاتلة، والمبالغة في معاقبة اللاعبين المخطئين حين عوقب الأورجواني سواريز عقوبة قاسية أعادت نغمة شعور دول القارة الأميركية اللاتينية بانحياز (فيفا) للأوروبيين، كما أن المجاملة الواضحة في اختيار لقب أفضل لاعب التي ذهبت للأرجنتيني ميسي أثارت استغراب كل متابعي البطولة.

مع كأس العالم تعلمنا أن الكرة تتواجد بين أقدام اللاعبين أكثر وقت ممكن، لاحظنا أن اللاعب يبذل جهداً مضاعفاً، يتواجد في كل مكان داخل الميدان، ويقطع مسافات طويلة لا يصل إليها اللاعب السعودي والعربي، 90٪ على الأقل من مباريات المونديال كانت مثيرة وتنافسية ومليئة بالفرص والأهداف، أما الدرس الكبير فهو ما قدمه المنتخب الجزائري الذي خاض مباريات قوية شعارها التنظيم الدفاعي، ومنح لاعبي الوسط أدواراً في المساندة الدفاعية مع ارتداد هجومي خطر، وكان بذلك محترِماً لخصومه، ومحرِجاً لهم في الوقت ذاته، وهو درس مهم لا بد أن يتعلمه كل من يواجه منتخباً عتيداً كالبطل الألماني الذي هزّ سمعة الكرة السعودية بثمانية تاريخية لا تنسى العام 2002 بكوريا واليابان.

لا تكاد تعود المسابقات المحلية إلا وتشعر بفارق شاسع في تحرك الكرة في ملاعب منطقتنا، وبطئها الشديد وقلة المسافات المقطوعة من اللاعبين أسوة بالأوروبيين، هل الإعداد البدني الذي يقدمه اختصاصيو اللياقة هو المسبب الرئيس؛ أم هي التغذية والنظام اليومي، وهل للأجواء الحارة دور؛ أم هناك أسباب أخرى يحتم علينا بحثها ودراستها بعد أن أصبح اللاعب السعودي محترفاً كما هو الأوروبي والأميركي؟ كرة القدم هي عمله الوحيد ومصدر عيشه، وأظن أن الوصول لحقائق في هذا الجانب من شأنها أن تفتح آفاقاً في مستقبل أنديتنا وكرتنا السعودية التي لم يعد لها حضور في بطولات كأس الأمم وواصلت الغياب عن المونديال منذ 2006م.

مقالة للكاتب عبدالله الفرج عن جريدة الرياض

9