العطني يكتب عن الأردنيين في «جميل»

التسليم بدوام الحال أمر لا يتسق مع طبيعة الحياة، فهناك المجد المثابر، وبخلافه نجد الكسول المتكئ على مجد مضى، أو عجز عن اللحاق بهمم الآخرين، كرة القدم في الأردن من كنف قلة الدعم وشح الموارد المالية الداعمة لمسيرة أنديتها تزف بعشرة من أبنائها لدوري جميل للمحترفين. كثرة العدد قد لا تكون ذات قيمة لو لم يكونوا محترفين حقاً ولهم المراكز الأساسية في تشكيلة الفرق التي سعت للتعاقد معهم، فتجربة شادي أبو هشهش في الملاعب السعودية قد تكون الأبرز وهي ليست الوحيدة، غير أنها الأكثر إشراقاً، فلقد بذل وساعد بكل قوة فريقي الفتح والتعاون، فاتجهت الأنظار صوب “النشامى” فهم يملكون الجدية والحماس التي غلفوها بالمهارة فكانوا خياراً مثالياً، واللاعبون الذين سيكون لهم الحضور في الموسم القادم ــ حسب ما ذكرته بعض وسائل الإعلام هم: خليل بني عطية (الفيصلي السعودي)، أنس بني ياسين (الرائد)، محمد الدميري (الاتحاد)، طارق خطاب (الشباب)، شريف عدنان وإبراهيم الزواهرة (الخليج)، علاء الشقران (هجر)، ومصعب اللحام الذي لم يتحدد مصيره حتى الآن من نجران، سواء بالبقاء أو المغادرة على سبيل الإعارة، إضافة إلى شادي أبو هشهش لاعب التعاون، وربما عاد عبد الله ذيب للاحتراف في السعودية أيضا.

لن أتحدث عن ماضينا الجميل بل سأتغنى بحاضر العزيمة الحاضر لدى شباب الأردن، فبلاد العرب أوطاني ومن ظفر منهم بالفخر تسامت أرواحنا معه، فلقد فرضوا لهم بصمة جعلت الجميع يبحث عنهم ويسعى لاستقطابهم.

نعم نجحت الكرة الأردنية في تشكيل حضور كبير وبروز عدد كبير من المواهب فاستحقت هذه المكانة، فالموهبة وحدها لا تكفي والمبالغة في الدعم المادي وتضخيم عقود اللاعبين ليست إلا كذبة كبرى عاشها لاعبونا وباتوا يغالون في عقودهم، بينما مردود ما يدفع لهم لا يساوي شيئاً على أرض الملعب، فلا جهد ولا رغبة صادقة في الفوز، فالتفاني ينتهي عند توقيع العقد الأول أو الأضخم من الناحية المالية، لا نقول الكل ولا نعمم لكنها الصفة الغالبة والسواد الأعظم ممن لزموا جانب الاحتراف.

نحتاج لتفعيل الجانب الثقافي لدى اللاعب وغرس كثير من القيم بعيداً عن الشق الرياضي حتى تتوازن عملية البناء، وكذلك حتى يخرج اللاعب من حصار الإعلام الهش المطبل لنجوميته إلى حيز أكبر وأوسع، وهو رسم القدوة وبناء المجتمع الرياضي المتسامح والمتعاون فيما بين أطرافه من خلال الإبداع الحقيقي في الملعب بالجهد والركض المستمر، مع بقاء الأهداف أسمى من الماديات. تلك هي روح الرياضة التي تعطيها بعداً أخلاقياً وتشعر معها بكل قطرة عرق من جهد المخلصين منهم فتشد على أيديهم ويثمر البناء ويكتمل العطاء روحا وإبداعا.

مقالة للكاتب سليمان العطني عن جريدة الاقتصادية

14