الشريف: إنهم قادمون

عندما يبتعدون ويقررون العودة فإن لعودتهم عنوانا يمتزج فيه كبرياء الماضي المجيد وعنفوان الحاضر الوليد، ولا صوت يعلو على صوت نهوضهم، ولا ضجيج يسمع في ظل سريان ضجيج أقدامهم.. إنهم الكبار فقط هم من تسمع لهم حسا وتدرك لهم وزنا.

إنهم قادمون.. يتسيدون.. يكتسحون.. ينتصرون.. يلتهمون كل شيء ولا يريدون أن يتركوا للآخرين من مجد بقية، إنهم عائدون إلى مكانتهم بين النجوم وسط السحاب، هكذا هي عودة الكبار التي أضاءت قناديل الفضاء..

هكذا عاد النصر أنيقا، جميلا بجماله السابق وكأنه لم يغب..

عاد النصر والعودة أحمد..

ولأنه هو النصر الذي عاد فإن للنشوة رونقا وجمالا رسما البسمة على شفاه الخيال وفتحا ورد الصباح مع بزوغ شمس الربيع ورددت الزهور أجمل أنشودة تعانق فيها معاني الانتصار «والله يا نصر أحبك» إجلالا لبلوغ مجده وتعظيما لمنجزاته التي صفق لها البدر قصرا ورقصت على أنغامها نجوم السماء، لتملأ الدنيا فرحا وضحكا وطربا..

عاد النصر فعادت الأمور إلى طبيعتها، عم الاستقرار آمالنا، وتهذب صغيرنا أمام كبيرنا، وتفهم التاريخ ماذا يمكن أن يحدث لو الجغرافيا أرادت تغيير ملامح تضاريسها، لتدور بعدها عجلة المتعة في ملاعبنا دون كدر ولا تعقيد..

دعنا أيها القارئ الكريم نفرح بعودة هذا الفارس الذي امتطى جواده معلنا قدومه لموقعه في مقدمة الركب مساهما في تصحيح ذائقتنا الكروية التي تحشرجت في صدورنا لسنوات وسنوات، لم نشعر فيها بحلاوة الكرة ولا مداعبتها ولا بلذة انتصارتها ولا متعة أدواتها ولسان حالها المائل يقول متى تأتي أيها النصر المبين.

ها هو النصر عاد لنسترجع معه ذكرياتنا الجميلة، وكلماتنا الرقيقة ونمارس معه كل أنواع فنون الارتقاء بطموحنا لنلامس سقف أحلامنا في كل مكان.. هنا.. هناك، في البطولات القارية.. في المشاركات العالمية لا يهم المهم أننا نحلم ونحلم وما المناع أن نحلم!! طالما النصر عاد فبعودته تحقق لنا المراد.. بقي علينا أن نستثمر عودة النصر في مستقبل الكرة السعودية جماهيريا وإعلاميا، وهذا لن يتحقق ما لم تحافظ إدارة النصر على مكتسباتها، وهذا الجانب لا خوف عليه في ظل وجود الرجل الحديدي الأمير فيصل بن تركي الذي عاش صعوبة المرحلة السابقة ونجح في قيادتها إلى شط الأمان، لذا لا أتوقع أن يعيقه شيء أمام الاستمرار في الإبحار بسفينته نحو أمجاد أخرى لايزال المدرج النصراوي ينتظرها بعدما غاب سنوات كانت قاسية علينا قبل أن تكون قاسية عليه، لا أعتقد أنه أمر صعب على رجل استطاع أن يحول أحلام اليقظة إلى واقع مزدهر جمع فيه ألوان الطيف بنكهة النصر ولذة الانتصار..

وقفة:

بقي لدي تساؤل لا أعلم من يلهمنى إجابته! حسين عبد الغني ذلك النجم والقائد، ومحمد نور الأسطورة اللذان كان لهما الأثر الأكبر في عودة النصر للواجهة.. خرجا من الباب الخلفي لناديي الاتحاد والأهلي، الآن وهما يصعدان منصات التتويج.. يا ترى كيف هو شعور أصحاب القرار؟؟!.. أعتقد أن إدارتي الاتحاد والأهلي في وضعية الميت.

مقالة للكاتب حسين الشريف عن جريدة عكاظ

9