محمد الشيخ يستحضر (أطفال الهلال)

محمد الشيخفي العام الماضي حينما خرج الهلال من دور ربع النهائي لدوري أبطال آسيا على يد أولسان الكوري خرج قائد الهلال التاريخي صالح النعيمة ليصف لاعبي الفريق بالأطفال في معرض انتقاده للعمل الإداري فيه، وحديثه عن انعدام الروح لدى اللاعبين وعدم احترامهم للشعار الذي يرتدونه، وهو الوصف الذي كان صادماً للوسط الرياضي؛ لاسيما وهو يصدر عن شخص عرف عنه منافحته المستميتة عن ناديه بطريقة تبغض الخصوم وتريح الأتباع.

وفي وقت كان يتوقع فيه الكثيرون أن يحدث هذا التصريح لغطاً داخل البيت الأزرق؛ خصوصاً وأنه التوصيف العنيف والمباشر والأول من نوعه الذي يصدر من شخص تجاه لاعبي فريق معين؛ سواء كان هذا الشخص من أنصار النادي أو من مناوئيه، إلا أنه مرّ مرور الكرام؛ خصوصاً من إدارة الهلال الذي بدا واضحاً أنها تعمدت الإنحناء لعاصفة النعيمة متعاملة معه على طريقة مكره أخاك لا بطل.

شخصياً سألت عبدالكريم الجاسر عضو إدارة الهلال والمتحدث الرسمي باسم الإدارة عن موقف إدارة النادي من التصريح فأدار بوصلة الحديث يميناً وشمالاً، وانتهى إلى القول بأن النعيمة “يمون”، ففهمت أن الرجل الذي كان يتعرض هو شخصياً ومعه مجلس الإدارة لسيل من الانتقادات العنيفة إلى حد المطالبة المعلنة بالرحيل لا يريد أن يضع نفسه في مواجهة “الأمبراطور”.

وأحسب أن الجاسر كان ذكياً؛ لأن أي مواجهة مع شخصية بحجم النعيمة في ذلك الوقت كانت كفيلة بأن تعبئ الشارع الهلالي أكثر، وأن توصله إلى حد الانفجار وهو المحتقن تجاهها، فضلاً عن أن النعيمة حيّد نوعاً ما الإدارة؛ إذ لم يرمِ على عاتقها كل المسؤولية، وهو ما كان في صالح الإدارة التي كانت تواجه طوفانا من الانتقادات، وكان من صالحها أيضاً أن يتفرق دم الفشل على الجميع.

استحضاري لتصريح النعيمة الآن يأتي لتولد قناعة لدي بمضمون ما قاله في العام الماضي، وذلك على إثر الخروج المر على يد لخويا القطري آسيوياً؛ والمستويات والنتائج السلبية محلياً، وأقول المضمون وليس بالضرورة أن اتفق معه في المصطلح؛ على الأقل لأنه ليس من أدبياتي استخدام هكذا مصطلحات؛ وإن كنت أعلم يقيناً أن النعيمة هو الآخر لم يكن يقصد المعني المباشر للتوصيف، إذ إن المدلول له أن هؤلاء اللاعبين ليسوا هم من يمكن أن يعوّل عليهم الهلال لا اليوم ولا في المستقبل، ومتى ظلت الإدارة الهلالية على قناعتها، فعليها أن تقتنع أكثر أن العالمية ستظل “صعبة قوية” حتى يأتي لاعبون غيرهم.

المسألة هنا ليست مسألة مستويات فنية، وإنما مسألة روح وإحساس بالمسؤولية، وهذا ما يفتقده لاعبو الهلال، وما تحقيق الفتح لبطولة الدوري إلا تأكيد على ذلك، صحيح أنهما ليسا العاملين الوحيدين لتحقيق البطولات لكنهما العاملان الرئيسان، فلا قيمة للأمور الفنية بدونهما، وخير مثال على ذلك ما يمر به فريق الأهلي اليوم فعلى الرغم من افتقاده لأبرز عناصره الأجنبية إلا أن روح اللاعبين وإحساسهم بالمسؤولية جعلهم يتجاوزون خطورة المرحلة التي يمر بها الفريق محلياً وآسيوياً.

هنا لا أريد أن أرفع المسؤولية عن إدارة النادي لإدراكي بوقوعها في أخطاء جسيمة ارتكبتها، وإن فعلت فسأكون متجنياً على الحقيقة؛ لكن في ذات الوقت لا يمكن أن أدير ظهري للحقيقة الأهم وهي أن الهلال لن ينصلح حاله إن بقيت الإدارة الحالية أو رحلت طالما بقي هؤلاء اللاعبون بهذه السلبية التي ستظل تعيد ذاكرتنا في كل مرة لتوصيف النعيمة!.

مقال للكاتب محمد الشيخ نشر في الرياض

16