محمد الشيخ | استراتيجية طقها والحقها!

يمضي الاتحاد السعودي لكرة القدم نحو الربع الأخير من دورته الانتخابية ولم يستطع حتى اللحظة أن يحقق شيئاً يذكر يمكن أن يؤشر من خلاله إلى نجاح لافت في ناحية من النواحي مما يستدعي التوقف عنده، بل إنه فشل حتى في رسم إطار واضح لعمله، وهو ما يتعلق بما سمّاه احمد عيد في برنامجه الانتخابي ب “الخطط المنهجية”، أو ما يسميها الدكتور عبداللطيف بخاري بالخطط الاستراتيجية التي وعدنا بأنها لا مثيل لها في ألمانيا وإسبانيا وفرنسا واليابان بل وحتى لدى (الفيفا)!.

ربما يقول قائل الآن إنني افتأت على الحقيقة وأتحامل على اتحاد الكرة ومسيريه بهذا الحكم المطلق، بيد أن واقع الحال من جهة، واعتراف احمد عيد بصفته رئيساً للاتحاد وكذلك الأعضاء العاملين معه تثبت حقيقة ما ذهبت إليه بأن العامين الماضيين أهدرا من عمر الكرة السعودية بمغامرات فاشلة أفضت إلى وقائع مؤلمة ونتائج مخيبة، والسبب يعود لكون القابضين على مفاتيحها لم يكونوا يملكون خارطة طريق يعملون وفقها، إنما كانوا يعملون وفق رؤى اجتهادية متخبطة تقوم – كما نقول في سياقاتنا الشعبية – على سياسة “طقها والحقها”.

الدلائل على ذلك كثيرة فواقع اللجان والمنتخب الوطني وسوء العلاقة بالجمعية العمومية نتيجة تعطيل الآليات الديموقراطية وخرق النظام الأساسي وهو ما استدعى لتدخل (الفيفا)، كلها تؤكد على تلك التخبطات؛ لكن على الرغم من كل ذلك فقد كفاني احمد عيد عناء المسألة إذ اعترف بذلك في مؤتمر صحفي عقد في جدة في فبراير الماضي حينما قال أمام الملأ (الاتحاد لا توجد لديه أي نتائج أو إنجازات تذكر، وأنه لايزال يأمل بشيء أكبر).

تلك الحقيقة صادق عليها عدد من أعضاء الاتحاد فالدكتور عبداللطيف بخاري ومعه الدكتور صلاح السقا وصالح أبو نخاع أكدوا جميعهم بعد الإخفاق في كأس آسيا الأخيرة بأن المنتخب كان يعمل بلا رؤية استراتيجية وبرروا ذلك بأمور أهمها ضيق الوقت وازدحام روزنامة المشاركات!.

المؤلم في الأمر أن أكثر من يدفع ضريبة هذا التخبط هي منتخبات الوطن، التي كانت ولا زالت تعاني، ويكفينا من معاناتها الفشل الذريع للمنتخب الأول في العبور لبطولتي كأس العالم الأخيرتين في جنوب أفريقيا 2010 وفي البرازيل 2014 بسبب فشل السياسات السابقة، وتبدو المؤشرات الأولية أن منتخبنا لن يكون أوفر حظاً في تصفيات مونديال روسيا 2018 وأن الثالثة قد تكون ثابتة في ظل الفوضى الحاصلة فيه فنياً وإدارياً.

الواضح جداً أن اتحاد الكرة لا يتعلم من أخطائه التي أدت إلى فشل المنتخب في “خليجي 22” وفي كأس آسيا في استراليا، ولا يريد الاستفادة من تجارب من سبقوه، هذا إن كان قد وقف عليها أصلاً، وإلا فأي مغامرة يخوضها وهو يستنسخ ذات الفشل الذي ارتكبه الاتحاد السابق حينما بدأ تصفيات “مونديال 2014” بمدرب موقت هو البرازيلي روجيرو قبل أن يسلم الملف للهولندي رايكارد لينتهي به المطاف للخروج الفاضح من التصفيات الأولية في صفعة مهينة للكرة السعودية؟!

الأمر يتكرر اليوم تماماً، حين منح إعداد المنتخب للمدرب الوطني فيصل البدين الذي قد يأخذ بيده حتى أول مباريات التصفيات ليخلي مقعده بمجرد حضور المدرب الموسوم بالعالمي، والذي لا يعرف أحد من هو ومتى سيحضر، وهو قرار ساذج ليس تقليلاً من قدرات البدين، ولكن لأن المنتخب أكبر من أن يبقى ساحة لتجارب اتحاد الكرة!.

9