الشيخ يكتب: النصر عالمي.. كمان وكمان!

في كل مرة يظهر فيها النصر متفوقاً ومختلفاً عن منافسيه المحليين كما هو اليوم حيث يسجل نفسه كبطل الشتاء، أتذكر رؤية الأمير فيصل بن تركي في حواره الشهير مع موقع “بي بي سي العربي” حينما قال: “أنا أريد أن أفعل بنادي النصر مثلما يفعله لابورتا ببرشلونة”، وهي المقولة التي دغدغت مشاعر النصراويين حتى توسدوها في مناماتهم، في حين كانت بمثابة نكتة تستدعي الضحك حد الاستلقاء على الظهر من قبل مناوئيهم.

تلك المقولة التي استدعيها بين الفينة والأخرى جعلتني مقتنعاً حد اليقين بأن الرئيس النصراوي الناضج اليوم، والذي تسلم رئاسة النادي الكبير قبل خمسة أعوام، وكنا نراه وقتها شاباً غراً يحركه المدرج المتحمس، ويفرض عليه خياراته الإعلام المتشنج لم يكن أبداً خارج الوعي بمسؤولياته، كما كنا نظن ونحن نراه يصرف الملايين ببذخ، ويتعاقد مع اللاعبين بإفراط، خصوصاً وهو يجني ثمرة ذلك عبر فريق متلألئ كعقد لؤلؤ نظيم حصد من خلاله بعض ما كان يتطلع إليه، وما زال قادراً على إكمال الحصاد كما هو مرسوم في خارطة الطريق.

في ذلك الحوار قال فيصل بن تركي حينما سئل عن مبتغاه من رئاسة النادي: “أريد أولاً إسعاد جماهير نادي النصر لأني منهم وإليهم، وثانياً عودة نادي النصر كما كان قوياً في الثمانينات والتسعينات الميلادية بطلاً كسابق عهده، هذا كل ما أريده من نادي النصر”، صحيح أن مثل هذا الكلام يمكن أن يقوله أي رئيس يريد أن يختطف عواطف الجماهير، وقد فعلها غيره في النصر وفي أندية أخرى، لكن ما فعله قبل رئاسته وبعدها يؤكد بأنه لم يكن سارق قلوب!.

دليل ذلك أن الرئيس النصراوي الذي بدأ رئيساً للجنة الرباعية المشرفة على التعاقدات قبل أن يساق للكرسي النصراوي الملتهب مكلفاً ثم مزكى بالإجماع قال في ذات الحوار: “أنا لا اعمل لنفسي، بل أعمل لنادي النصر ولجماهيره، ويتضح ذلك من أعمار اللاعبين الذين تم استقطابهم، فالأغلبية لا تتعدى أعمارهم ال22 سنة، وهذا يعني أنني وزملائي الأعضاء نعمل لعشر سنوات مقبلة”.

ما نراه اليوم يؤكد –بالفعل- أن ثمة خارطة طريق كانت مرسومة، وهو ما ينصف فيصل ومعاونيه، وأعني عامر السلهام وسلمان القريني اللذين عانا من المفترين، وضيقي الأفق، وأصحاب الحب الأعمى، فهذا الثلاثي هو مؤسس النصر الحديث الذي بني لعشر سنوات وأكثر وليس لموسم يثور ثم تخمد ثورته.

بقي السؤال: هل وصل (فيصل) بالنصر إلى مبتغاه؟، وهل استنفذت خارطة الطريق مضامينها؟، لا أعتقد ذلك فالرئيس النصراوي قال في ذلك الحوار: “طموحي يصل بي إلى أن يكون النصر من أفضل أندية القارة، وأن أصل به إلى بطولة أندية العالم من خلال الفوز بدوري أبطال آسيا وسأسعى لتحقيق ذلك بإذن الله في حالة استمراري في كرسي رئاسة نادي النصر”.

الآن لم يعد أمام النصراوي المؤمن برئيسه وهو يستعد لرؤية فريقه في دوري الأبطال الآسيوي إلا أن يغمض عينيه ويطلق لخياله العنان، فكما ارتمت بطولة الدوري في أحضانه بعد سنوات من الضياع، فليس بعيداً أن تغازله (العالمية) من جديد؛ خصوصاً أن العاشق النصراوي الكبير قد جهز لها المهر الذي يليق بها.

مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض

17