النويصر يسأل: رعاية الشباب أم رعاية القدم؟

خلقت الكراسي لتدور لكنها ثابتة، لا ترفض من اختارها وهي لا تعد بالديمومة. هي تماماً كمقاعد الانتظار، قادمون وراحلون، صامدة حتى حينما تهترئ، لا ترمى بل تستبدل، فمصيرها إلى مقر آخر ربما تألفه وربما تنفر منه. لذا انتهت مرحلة الأمير نواف بن فيصل رئيساً لـ«رعاية الشباب»، وجاء الدور على الأمير عبدالله بن مساعد. ولست بصدد تعداد مزايا الفترة الماضية أو عيوبها، لكني مؤمن تماماً بأن هذا التعيين لم يكن مبرمجاً، بدليل خروج الرئيس الجديد من الرياضة المحلية إلى شراء نصف أسهم شيفيلد يونايتد الإنكليزي. وهنا لا أعلم هل من حسن حظه أم سوئه أن ينال هذا المنصب قبل خمسة أشهر فقط من كأس الخليج في الرياض، ويليها مباشرة كأس آسيا في أستراليا؟!

فنتائج المنتخب السعودي في هاتين البطولتين ستلقي بظلالها في حكم الشارع الرياضي على أداء الرئاسة، وهذا خطأ جلل وتقويم مبكر جداً للأداء، ولكن للأسف نحن عاطفيون.

فالمنصب هو لـ«رعاية الشباب» وليس رعاية كرة القدم، التي هي جزء من مهمات أخرى جسيمة اختزلتها المستديرة، فالشباب يشكلون لدينا ثلثي عدد السكان، وبالتالي على عاتق أبي عبدالرحمن الشيء الكثير. فمنذ أن تولى هذه المهمة الأمير الراحل عبدالله الفيصل، وأسس إدارة خاصة تشرف على الرياضة والشباب في ١٩٥٢، وحتى يومنا هذا والشباب ما زالوا يبحثون عن مشاركة حقيقة وملموسة. فالأدوار المناطة بالرئيس الجديد متعددة، وأهمها احتواء الشبان الذين يتعرضون لاختراقات ومغريات خطرة، لذا عليه أن يدعم برامج التدريب والتطوير والرياضة المدرسية والأحياء والرياضات الأخرى، وكذلك تفعيل دور بيوت الشباب التي تنشط في المدن بحسب مزاجية كل مدير، ومطلوب منه أيضاً أن يدعم العمل التطوعي، إذ لا نكاد نراه سوى في العمل الكشفي في موسم الحج،

أوصيه أيضاً بحلحلة الجيل القديم، وإعطاء الفرصة للوافدين الجدد، الذين ينتظرونها ويمتلكون أفكاراً متطورةً تناسب المرحلة.

فهو يحتاج إلى فريق عمل ينيره إلى ما لا يبصر، لا حاشية تتصدر حفلة التصفيق. وأكبر معضلة سيواجهها خريج الصناعة الهندسية هي البيروقراطية العالية في العمل الحكومي، التي لن تساعده على النجاح كما فعل في شركة الورق. فسيصطدم بوزارة التربية والتعليم ووزارة المالية وغيرها من المرافق الحكومية التي ستختبر صبره.

وقبل أكثر من ٦٠ عاماً بدأ الدعم للرياضة بميزانية لا تتعدى ٥٠ ألف ريال، واليوم تحولت إلى صناعة تدرّ البلايين، وأنا هنا نذير دنيا، فاصنع للشبان من الحياة حياة يبارون بها فراغ الروح.

مقالة للكاتب نايف النويصر عن جريدة الحياة

9