علي حمدان يكتب: على طاولة الرئيس!

الأوامر الملكية لها اعتبارات خاصة عند الملك من حيث رؤيته -حفظه الله- فيمن يتم اختياره لخدمة الدولة في أي قطاع من قطاعاتها المختلفة، وليس بالضرورة معناها فشل المسؤول السابق بقدر ما هي سنة التغيير ورغبة التطوير ورؤية ذات أبعاد مختلفة لدى القيادة الرشيدة.

وقطاع الشباب والرياضة في المملكة قطاع كبير جدا اختزل مع الأسف في لعبة كرة القدم وفي تنافس النصر والهلال حتى أصبحنا كلنا لا نعرف من أعمال الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلا مباراة كرة قدم وتنافس جمهور وأعضاء شرف الناديين، وأحيانا الاتحاد والأهلي.

اليوم يصل إلى هرم مسؤولية الشباب والرياضة أحد أبناء هذا القطاع وممن عمل رئيسا وعضو شرف لنادي الهلال سنوات طويلة، وعاش صعوبات الأندية والتخصيص والاستثمار ومعوقات التطوير وصعوبات التنفيذ.

الأمير عبدالله بن مساعد اليوم لديه تركة ثقيلة من التعقيدات والمسؤوليات والمتطلبات، والعمل الحكومي البيروقراطي، سيصطدم مع خلفيته من خلال عمله في القطاع الخاص لأن واقع العمل في المنظومات الحكومية يحتاج إلى صبر وجلد وسعة بال وحسابات مختلفة، وليس بالضرورة في العمل الحكومي 1+1=2.

هو أكد أنه لن يجري أي تعديل قبل ثلاثة أشهر وأنا أقول قد يحتاج إلى عام كامل لاستيعاب عمل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وكشف مواطن القصور والضعف ومحاولة الترميم والتعديل والحذف والإضافة.

إن أفضل القرارات التي يمكن أن تساعد الأمير عبدالله في تلمس النجاح هو الابتعاد عن المسؤوليات الرياضية المباشرة ومنها اللجنة الأولمبية السعودية واتحاد التضامن الإسلامي وغيرهما، وأرى أن يتم تعيين رئيسين لهما سواء بالانتخاب أو التزكية، وأن يتفرغ للعمل كوزير مختص عن قطاع الشباب والرياضة وألا تجرفه الرياضة إلى ساحتها.

إن التنظير في المنتديات والمحاضرات والاجتماعات عن الخصخصة والاستثمار والتطوير سهل جدا ولكن التطبيق الميداني صعب للغاية خصوصا في قطاع واسع ومتعدد التركيبات والخلفيات كقطاع الرياضة، ولذلك سيتفاجأ سموه بالمعوقات الإدارية والفنية والتنظيمية الحكومية وغير الحكومية التي تحتاج إلى قرارات حاسمة لتجاوزها.

ولأن مجتمعنا عموما متعلق بخلفية الشخص وتاريخه فسيظل الأمير عبدالله يعاني من كونه رئيسا سابقا للهلال، وعضو شرف حالي في كل قرار يتخذه مهما كبر أو صغر؛ لأن الانفتاح الإعلامي الحالي أعطى الجميع مساحة واسعة من النقد، وستكون أمامه مهمة صعبة جدا لإقناع المجتمع الرياضي ممن لا يميلون لنادي الهلال بقراراته، وهذا قد يسهم في إرباك رؤيته للتطوير والتحديث.

الوزير الجديد سيجد أمامه أمرين لا بد أن يكون حاسما وحازما فيهما وهما موضوع الميول وموضوع الأصدقاء، والأخير للأسف منتشر بشكل واسع في كثير من منظوماتنا الرياضية، أما الميول فليس أمامه إلا المحاصصة بين الأندية بحيث يعطي الجميع الفرصة لخدمة الرياضة، فالنصراوي والأهلاوي والاتحادي يرى أن من حقه خدمة الرياضة والشباب كغيره ممن يميلون للأندية الأخرى.

أخيرا، هي ثقة ملكية غالية ومسؤولية وطنية جسيمة والأمير عبدالله بن مساعد لديه الاستعداد بما أعرفه عنه لبذل الغالي والنفيس لتنفيذ رؤية الملك ورغبته في التطوير الرياضي، وهذا يحتاج ميزانيات وعمل جبار وخبرات محلية ودولية وقرارات صعبة وحاسمة.

مقالة للكاتب علي حمدان عن جريدة الوطن

9