سالم الشهري: الفرق بين البوسنة ومنتخبنا!

– قبل أن أتحدث عن الرياضة أبدأ مقالي بهذا الخبر الذي نشرته وكالات الأنباء قبل بضعة أيام: (خيّم حزن شديد على مسلمي البوسنة، بعد أن تم اكتشاف مقبرة جماعية تضم مئات الجثث من المسلمين والكروات كانوا قد قتلوا في بداية الحرب الأهلية في البوسنة التي امتدت بين عامي 1992 و1995 على أيدي الصرب.

وطبقاً لما أفادت به وكالة الأنباء الفرنسية، تم اكتشاف تلك المقبرة في منطقة توماسيكا التي تضم واحدا من معتقلات ما كان يسمى بـ”مثلث الرعب” في البوسنة.

والمقبرة الجماعية في توماسيكا هي أكبر اكتشاف في هذه المنطقة في السنوات العشر الأخيرة بينما يتوقع خبراء في الطب الشرعي انتشال “مئات الضحايا” الآخرين.

وبعد عشرين عاماً، ما زالت الجثث التي انتشلت في توماسيكا في حالة تحلل وبعضها شبه سليم في “ظاهرة غير متوقعة”، كما قال خبير الطب الشرعي مويو بيجيتش.

– أتذكر موقف المملكة العربية السعودية الكبير والمشرف قبل عشرين سنة مع الشعب البوسني المسلم أثناء محنته وإبادته على أيدي الصرب.. يومها وقفت المملكة حكومةً وشعباً وقفة أخوية مع الشعب البوسني الشقيق سواءً بحملات التبرعات الرسمية أو حتى باستضافة الرئيس البوسني الراحل (علي عزت بيغوفتش) ودعمه سياسياً واقتصادياً حتى عاد الحق إلى أصحابه.

– قد يقول قائل: وما دخل هذا الأمر بالرياضة أو بمقالٍ رياضي..؟! والجواب: وقتها وجّه الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- باستضافة المنتخب البوسني (حديث العهد بالتأسيس بعد انفصال بلاده عن يوغسلافيا) وخاضت معه بعض فرقنا (منها الاتحاد) مباريات ودية يذهب دخلها الجماهيري لدعم الشعب البوسني.

– وما زال السؤال قائماً.. وما علاقة هذا بالرياضة..؟! العلاقة أيها القارئ الكريم أنه وقبل أقل من شهر من الآن نجح منتخب البوسنة والهرسك في الترشح المباشر إلى نهائيات كأس العالم 2014 بعد تصدره مجموعته الأوروبية المؤهلة إلى مونديال البرازيل لأول مرة في تاريخ البلاد منذ استقلالها عام 1992.

– كروياً: ما حدث إنجاز بل هو إعجاز.. بلدٌ حديث الاستقلال دمرته حرب الإبادة العنصرية وكان (منتخبه) يلعب مع (فرقنا) قبل عشرين سنة ولا يستطيع أن يجاريها ولكنه اليوم يتأهل لكأس العالم متصدراً مجموعته ودون الحاجة لخوض الملحق. وأين..؟! في القارة الأوروبية الأقوى كروياً كقارة على مستوى العالم.

– كم أحس بالفخر لهذا الإنجاز التاريخي لهذا البلد المسلم الواقع في أوروبا.

– ولكن هذا الفخر يشوبه شيء من الألم والحزن على حالنا الرياضي.. أين هو منتخبنا الآن وأين هو المنتخب البوسني الشقيق..؟! أليس هذا هو المنتخب الذي كانت تتغلب عليه فرقنا في المواجهات (الودية الخيرية) التي كنّا نقيمها هنا..؟!

– دعوكم من التجربة اليابانية في التطور الكروي.. واتركوا عنكم التجارب الأفريقية التي أوصلت منتخباتها ولاعبيها إلى العالمية.. ولا تحدثونا عن البرازيل وألمانيا وإسبانيا.. فقط اقتدوا بالتجربة البوسنية وكيف استطاعت كرتهم أن تتقدم وتتطور وتتأهل لكأس العالم عن طريق تصدر مجموعة أوروبية بالرغم من أنهم بدؤوا من تحت الصفر..؟!

– أين أهل الأعذار..؟! أين أهل الحجج الواهية..؟! أين أصحاب الخطط المدروسة وغير المدروسة..؟! تعبت وأنا أبحث لكم عن عذر ولكن بصراحة: (ما لكم عذر).

مقالة للكاتب سالم الشهري عن جريدة الوطن

9