“العالمية صعبة قوية”…المرحلة الثالثة!

ناصر المرشدي• الأندية السعودية التي تسيدت المشهد المحلي في السنوات الأخيرة، لم تستطع أخذ دور بطولة على مسرح المنافسات الآسيوية، ولن يكون لها ذلك، لا هي ولا أي فريق ولا منتخب سعودي في القريب المنظور على الأقل.

• ليست نظرة تشاؤمية، لكنه الواقع، الواقع الذي نتجاهله ونظن أننا نستطيع تجاوزه بلغة المكابرة، أو بكلمات التحفيز، أو بإغداق المال.. الواقع يقول إن الكرة السعودية دخلت في مسار هابط منذ أن وصلت إلى قمة مجدها في كأس العالم 94، ولو دققنا النظر واسترجعنا الماضي لعرفنا أن ما وصلت إليه الكرة السعودية من نجاحات كانت ثمرة خطط رسمها الراحل الأمير فيصل بن فهد، وحققت مبتغاها، وكان من المنطقي رسم خطة تالية تُبنى على ما سبقها؛ ليستمر النجاح والتطور التراكمي.
• ما حدث أن الكرة السعودية أُصيبت بحالة توهان مزمن، وبقيت تدور في حلقة مفرغة منذ 94 حتى الآن، تقتات على تركة الماضي، وأمجاد الأيام الخوالي، دون أن تستطيع إظهار ملامحها الحاضرة، أو ترسم لنفسها خارطة طريق إلى المستقبل.
• دول آسيوية تقل عنّا كثيراً في إمكاناتها المادية والبشرية، وخامات لاعبيها، ومع ذلك تجاوزتنا؛ لأنها حوّلت الكرة إلى صناعة تُدار بفكر احترافي حقيقي.
• لهذا سيظل الفشل ملازماً لكل فرقنا ومنتخباتنا، حتى نقتنع بأن الكرة لم تعد مالاً واجتهادات، ولا غفوات ممتدة وصحوة في الوقت الضائع، بل أصبحت علماً قائماً بذاته، وصناعة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة.
• الشيء الوحيد الذي لا يزال سمة مميزة للكرة السعودية، وهو الذي أبقاها حاضرة في ميدان المنافسة – المنافسة وليس البطولة -، هو إمكانات اللاعب السعودي وخامته المعجونة بالموهبة الفطرية، التي لو عولجت في معامل الصناعة الكروية، وصُهرت في قالب الأداء الجماعي لاكتسحت القارة الصفراء، وتجاوزت بطولاتها التي عزت علينا كل هذه السنين.
• لكن هذا اللاعب أصبح يركض وراء الكرة ويركلها لهدف آخر غير العطاء، والإنجاز! لم يعد يعطي، يريد أن يأخذ وحسب، وإن فكر أن ينجز فالإنجاز الذي يشغل ذهنه لنفسه فقط، بعيداً عن الفريق، والنادي، والمنتخب!
• ما يغري اللاعب أكثر لأن يتجه هذا الاتجاه، أن هناك من يلبي له رغباته، ويكرّس هذا الفكر في داخله، ويعمّقه أكثر.
• لاعب محترف على الورق، لا يدرك معنى أن يكون لاعباً محترفاً، يعي معنى وقيمة العمل الذي يمتهنه، بما عليه من واجبات وما له من حقوق.
• هذا اللاعب لو وجد بيئة احترافية حقيقية لكان منُتِجاً بسخاء، ومُنتجاً يلقى الرواج، لكنه ذهب ضحية “حروب الأثرياء”، الذي أغرقوه وأغروه بالمال نكاية في بعضهم البعض، حتى صار همّه حقوقه المالية، أما واجباته فقد نسيها تماماً لأن لا أحد سيسأله عنها، ومن قد يسأل فاليأس متمكن منه، أن يجد لسؤاله جواباً!
• في ظل هذه البيئة الموبوءة لا يمكن استصلاح اللاعب، الحل الوحيد المتاح تصديره قسراً إلى الدوريات العالمية المحترفة ليتعلم معنى الاحتراف والانضباط، ومعنى ألا يأخذ إلا ما يستحق، مقابل ما ينتج فقط، ولا شيء غير ذلك.
• ليكن هناك قرار بتحديد سقف عقود اللاعبين، بحيث لا يتجاوز مرتب اللاعب الشهري مرتب أعلى موظفي الدولة، إن قَبِل وإلا فليعمل، وليشتغل على نفسه ليكون مطمعاً لأندية الدوريات المحترفة، التي لن تدفع ريالاً واحداً في غير محله، لأنها ببساطة تعطي مقابل الانتاجية ولا شيء سواها، فليس لديها أثرياء يدفعون مبالغ طائلة في أنصاف لاعبين، فقط لإغاظة بعضهم البعض!
• سوى ذلك سيستمر التراجع، وستنتقل مقولة “العالمية صعبة قوية” إلى المرحلة الثالثة وهي الأخطر…كانت سخرية جماهير، اليوم صادق عليها رؤساء أندية، وغداً ستصبح ثقافة، ثم قناعة لا يقبل “العقل الكروي الباطن” التنازل عنها بسهولة، عندها سيكون كل شيء صعباً جداً!
@NaserAlmarshdi

7