الشيخ: للأسف حدث ماتوقعته

بكل بساطة يداهمنا الإعلام من كل حدب وصوب بتداوله قرار الاتحاد الآسيوي لكرة القدم باستبعاد الملف السعودي لاستضافة كأس أمم آسيا 2019 بحجة عدم استيفاء الشرط الخاص بتضمين الملف خطاب الضمانات الحكومية اللازمة للاستضافة، ليمر الخبر مرور الكرام على المعنيين بالأمر إلا من تصريح خجول للمتحدث الرسمي باسم اتحاد الكرة يؤكد فيه الخبر ولا يفنده!.

مؤسف حقاً أن تصل بنا الحال إلى هذا المستوى، الذي لا يتردد فيه الاتحاد الآسيوي من رمي الملف السعودي خارج حلبة المنافسة من الجولة الثانية لاستضافة بطولة قارية فازت باستضافتها أفقر الدول وأصغرها، ما يعني أن الملف السعودي لم يستوفِ إلا الشرط الأول وهو تقديم خطاب يحمل طلب الرغبة في الاستضافة، مثلنا في ذلك مثل أي دولة تريد مجرد تسجيل الحضور من باب نحن هنا!.

لقد كتبت قبل نحو ثلاثة أسابيع متخوفاً ومحذراً في مقال تحت عنوان: آسيا 2019.. يا ليتنا من حجنا سالمين أقول: “الأهم من الرغبة في الاستضافة، هو وجود قرار حكومي معتمد بمباشرة الأمر، إذ ليس أسهل من حشر جملة أوراق في ملف وحمله إلى كوالالمبور؛ بدليل أن هناك عشر دول تشاركنا الرغبة، وهذا ما يجعل هواجسنا كبيرة في أن نكتشف بعد أيام أن ملف الاستضافة فارغ إلا من الحبر الذي كتبت به الأوراق”.

للأسف حدث ما توقعته تماماً ولست بذلك مفاخراً، فقد اكتشفنا – بالفعل – أن الملف الذي حملوه “ربعنا” إلى كوالالمبور لم يكن سوى حبراً على ورق؛ في وقت كان المعنيون بأمر الاستضافة يعقدون المؤتمرات الصحفية، ويتداخلون في القنوات الفضائية، وتتصدر صورهم الصحف والملاحق الرياضية يبيعون فيها الوهم علينا بأننا في مستوى الحدث القاري، وإذ بنا نكتشف بأن ملفنا الفارغ قد تم حفظه في أرشيف الاتحاد الآسيوي إلى جانب ملف ترشح الدكتور حافظ المدلج لرئاسة الاتحاد الآسيوي كدليلين على الواقع المظلم الذي تعيشه كرة القدم السعودية بل الرياضة السعودية برمتها.

هذا الواقع الذي يعري حقيقة أننا لم نخسر سمعتنا داخل الملعب فقط بحيث لم نعد قادرين على المنافسة على الألقاب، ولا حتى قادرين على الدخول في سباق الانجازات، ولكنه عرّى حقيقة أننا لم نعد حتى في المستوى الذي نستطيع من خلاله المنافسة على تنظيم الأحداث الرياضية التي أصبح الجيران من حولنا يعتبرونها اليوم مجرد بروفة لأحداث وتظاهرات رياضية أكبر من بطولة قارية.

المؤلم أكثر في هذا الواقع المحبط أننا في وقت سابق كانت مجرد خسارة مباراة أو ضياع لقب يقيمان الأرض ولا يقعدانها من تحت أقدام المتسببين إداريين أو فنيين، فتأتي القرارات باستبعاد هذا وعزل ذاك، أما اليوم فقد أصبحوا متبلدين إزاء ما هو أشد وأفظع، وهو ما يتعلق بسمعة بلد، وكأنهم بالفعل يطبقون قول المتنبي “ما لجرحٍ بميت إيلامِ”، لينسحب الحال على المشهد برمته إعلاماً وجماهير؛ وكأني بلسان حال الجميع يقول كما قال سعد زغلول ذات إحباط وألم لزوجته: “غطيني يا صفية.. ما فيش فايدة”!.

مقالة للكاتب محمد الشيخ عن جريدة الرياض

9