الجبرتي يتساءل عن غياب الجمهور في مباراة الاساطير

نقطة تحول يمكن الاستناد إليها لقراءة المشهد الجماهيري في السعودية، تتمثل في مباراة قدامى اللاعبين بين السعودية والبرازيل، لم تشهد حضوراً يوازي ما يوجد فيها من نجوم في الجانبين.

البعض يلوم التوقيت باعتباره غير مناسب، لكن مباراة الشباب والهلال الودية التي سبقت هذا الحدث بيوم شهدت حضوراً كبيراً يدحض هذا الرأي.

التسويق للمباراة أيضاً لا يمكن الاستناد عليه لتبرير «العزوف»، فمباراة عملاقي العاصمة لم تُقرر إلا متأخراً ولم تشهد أي مؤتمر صحافي أو تسويقي، على عكس مباراة عمالقة «الأخضر» و«السامبا».

جمهور الملاعب في السعودية غالبيتهم من فئة عمرية شبابية، وهذه الفئة تجوب الملاعب حباً وعشقاً وهياماً بفرقها ونجومها، وتبحث عن المتعة الكروية داخل المستطيل الأخضر، وتمتلك ذائقة فنية رفيعة عززتها متابعة الدوريات الأوروبية، الأسرع أداءً والأعلى فنياً والأجمل كروياً.

هذا الفئة العمرية لا تحفل بـ«الماضي الجميل» ولن تدفع «ريالاً» ما لم تنل مقابله المتعة التي ترضي ذائقتها.

هذه الفئة الجماهيرية من وجهة نظري أصبحت منعزلة نوعاً ما عن السياق الرياضي وعن الشكل الإداري السائد في الأندية، لذلك فهي تتعامل مع الأندية بطريقة «نفعية» تعتمد على «ما يرضي غرور ذائقتي، ويحقق الفوز لفريقي»، أما غير ذلك فسيظل تحت دائرة الانتقاد و«ما عليكم منهم».

هذه الأزمة التي أراها تتعزز يوماً تلو الآخر تطلب عملاً كبيراً لتحويل الرياضة ومناشطها إلى مناسبات يشارك فيها الشباب، وإلى أحداث ترفيهية فعليه لا تقتصر على ما في داخل أضلاع المستطيل الأخضر.

أمام الشركات العاملة في مجال تنظيم المناسبات الرياضية فرصة ذهبية لخلق أحداث ترفيهية ممتعة من الجوانب كافة، وتسويقها في شكل احترافي يصل إلى الجمهور ويشرح له فكرة الحدث بما يقنعه بالحضور.

أتساءل هنا كيف تنجح أمانة منطقة الرياض في اجتذاب الجماهير إلى ملعب الملز؟ ولا تنجح خطوة مماثلة تضم ماجد عبدالله ويوسف الثنيان! فالثانية أقرب إلى النجاح من الأولى.

الفارق في أن أمانة منطقة الرياض استهدفت شريحة عمرية مختلفة، واعتمدت على قواعد تسويقية كجهة حكومية ساعدتها على الانطلاق ربما لا تتوافر لجهات تجارية ربحية.

ولكن إذا ما تم تحويل مثل هذه الأحداث الرياضية في جزء من جوانبها إلى «عمل خيري»، وإذا ما تم اعتبارها وسيلة «ترفيهية» من واجب الجهات المسؤولة عن الشباب وحتى الشرائح الأخرى توفيرها للمجتمع، فإنه يجب دعم ومساندة وتسهيل تنظيم هذه الأحداث الرياضية وإقامتها.

الوقت أزف أمام رابطة دوري المحترفين والاتحاد السعودي لكرة القدم واللجنة الأولمبية السعودية والرئاسة العامة لرعاية الشباب، وحتى إمارات المناطق وأماناتها لاستحداث مناشط وأحداث رياضية ترفيهية تستهدف الفئات بأعمارها كافة، وإلا سيصبح الجمهور الرياضي منعزلاً في عالمه الخاص الذي لن يتجاوز شاشة «الجزيرة الرياضية»، لأنها الوحيدة حالياً القادرة على نقل المتعة بطريقة «ممتعة» أما البقية فهم يغردون خارج سرب «الإمتاع» ومستغرقون في «الملل» بل إنهم «خارج التغطية».

مقالة للكاتب منصور الجبرتي عن جريدة الحياة

9