الرياضة ليست «رجسا شيطانيا»

مساعد العصيميالرياضة التي يرى العالم أنها الوجه الجميل الذي يتفق عليه، إلا أنها رغم المتغيرات في الإطار العربي مازالت دون الاهتمام، بل الأكثر تجاهلا في الخطاب السياسي العربي التغييري.

لدينا ذلك، وإن كنا نصرف أموالا أكثر مما يفعلون على الرياضة ومناشطها، لكن ما باليد حيلة ونحن مازلنا نعتقد أن الرياضة ضمن الترفيه الذي يجب أن يكون في آخر الصف؟!

نجزم بان لدينا رؤية جميلة، وخطط اذا ما احسنا تنفيذها سترتقي بنا كثيرا.. لكننا نؤكد أيضا أن العناوين الرياضية تكاد تختفي من الرؤية، وإن كان هناك ما يخص الشباب وارتقائهم، لكن فيما يطور الرياضة فالأمر يبدو أقل.

عرفنا كثيرا عن عمل سيطال: السياحة الترفيه النفط الصحة والتعليم، لكن لم نسمع شيئا عن الرياضة.. سمعنا من يعد الشباب بآفاق أكبر لكن لم نجد من يهتم ببيئتهم ورقيهم النفسي من خلال التنافس الرصين البناء وحتى ما قبل الترويح البدني البريء.

لنتحدث بوضوح أكبر وبلا شك سنصدم بالحال الرياضية الانجازية المتردية، في ظل أننا نعلم بأن المحتوى قادر على أن يكون في محل الأفضل، لكن ضعف الإدارة وضعف الاهتمام شمل كل الرياضة حتى جعل منها أقرب إلى حال تافهة، ليكون مبدأ مسيريها الحضور والإعلام، ولا شأن لها ولهم بغير ذلك! وعليه فمن يصدق أن بلدا كالمملكة العربية السعودية بقيمتها البشرية العالية والاقتصادية الضخمة.. مفلسة رياضيا، ولا تستطيع حتى أن تصنع بطلا يرفع رايتها في المحافل الدولية.

علينا أن نعيد ترتيب تطلعاتها وأهدافها، وهنا جدير بالقادة الجدد أن يدركوا أن الرياضة شأن مهم لإشاعة الولاء للبلد، بالاعتماد على الدور الهام الذي يمكن أن يضطلع به راسمو السياسات والخطط المستقبلية لحث المجتمع والإعلام على نشر محتواها السامي، وجعل المناشط الرياضية والاستحقاقات الرياضية ليس فقط للممارسة البدنية أو مجالا للتباري والتنافس والاستثمار، بل شأنا مهما لتعميق انتماء كل الشعب إلى بلد يتعين أن يكون لديه ما يفتخر به أمام العالم وفي كل المجالات، وبما يغير الصورة النمطية التي علقت بنا، وعمل اعدائنا على تكريسها قبل تريديها.

والسؤال المهم: هل بمقدور من يضع ميزانية قدرها نحو 10 ملايين دولار للاعداد والمشاركة في الأولمبياد أن يصنع بمثل هذا المبلغ ابطالا، هذا اذاعلمنا بأن معظمه سيصرف على الوفود الإدارية وسكنها وتنقلاتها.. هل تعلمون أن إنجلترا مثلا قد وضعت نحو نصف مليار جنيه لل «الخطة الوطنية للتنمية الرياضية» التي أطلقت عام 2004 وحتى ما قبل 2012 لتكون خطة عمل ذات أهداف واضحة ومؤشرات أداء لكل قطاع رياضي لاكتشاف المواهب والاطلاع على تجارب الآخرين والتغذية والطب النفسي والتدريب.. وليس على الاعداد للأولمبياد؟! الأمثلة كثيرة.. لكن لكي تصنع إنجازا فلابد أن يكون لديك رؤية مستقلة وعقول متميزة لإدارتها، وأموالا كافية لتنفيذها.

الأهم في القول: إن استمرار تجاهل الاهتمام بصناعة البطل الرياضي لهو ضد الرقي والانتماء.. وأختم بما كتبه صانعو الرياضة الإنجليزية الحديثة كمقدمة قصيرة للمشروع التطويري الذي قدموه مطلع العقد الماضي للحكومة ولمجلس العموم البريطاني:

«الرياضة تحدد هوية الأمة، فهي تعلمنا أشياء كثيرة عن الحياة، تعلمنا الانضباط والعمل ضمن فريق، تعلمنا كيف نفوز بشرف وكيف نخسر بكرامة، وهي تحافظ على صحتنا وتمنحنا لياقة بدنية، وهي أخيرا تشكل جزءا رئيسا من افتخارنا ومن ثقافتنا ومن حياتنا».

11