أوروبا والفقر والسياسة و«الدون»!!
عيسى الجوكم

عيسى الجوكم

¿¿ كرة القدم لم تعد فقط للمتعة، وليست حكاية ووسيلة وغاية لتقارب الشعوب، وبأنها تجمع ما تفرقه السياسة، كما قيل ويقال ليومنا هذا.

¿¿ وهي أيضا ليست لعبة عنوانها الفقر ولا الغنى ولا النبلاء أو الكادحين، كما تصنف الألعاب الأخرى، صحيح أنها كل ما ذكر مجتمعة، لكنها أيضا أصبحت صناعة تدر الملايين عفوا المليارات.

¿¿ الغريب في هذه المستديرة رغم دخولها عرش الاقتصاديات الكبرى، وسيرها في كنف المال، ودخولها عالم المراهنات، وفتح أبوابها للفساد والمؤامرات إلا أنها بقيت نقية في قلوب البشر، يتسامر حولها الغني والفقير والكبير والصغير والرجل والمرأة، والمهموم والسعيد، والسليم والمريض، حتى إيقاع الحروب ووتيرتها تخف عندما يكون لمهرتها نزال يعصف كل أرجاء المعمورة تماما كمواجهة الريال والبرشا.

¿¿ ما السر في كرة القدم؟ سؤال لم أجد له إجابة عندما أرى زعيم دولة عظمى يركض خلف نجومها لالتقاط صور تذكارية معهم، وهو الذي إن ضغظ على زر الشر في عقله يكاد يدمر نصف الكرة الأرضية بأسلحته الفتاكة ناثرا الحروب والدمار في المعمورة، في المقابل ذلك النجم المعشوق جماهيريا يخضع لتلبية طلب طفل في أقصى الأرض حتى لا تتناثر دموعه، ويزداد مرضه.

¿¿ عالم كرة القدم له طقوس خاصة، داخل الملعب وخارجه، فالأفضل والأقوى ليس بالضرورة أن يكون المنتصر كما هي الحالات في قوانين كثيرة في الحياة، فقد تلعب وتسيطر وتستعرض لكن النهاية قد تكون مؤلمة، والعكس صحيح فقد تعيش خارج النص ويكتب لك الحظ نهاية سعيدة.

¿¿ قانون كرة القدم قد لا يعطي العدالة حقها في نهاية المطاف، فالجمال الكروي الذي يبعث على المتعة والسرور قد يجر أذيال الخيبة، لأن قانون المجنونة لا يعترف إلا بهز الشباك، أو يخرج عن النص تارة ويكون الحظ خصما، وأحيانا أخرى الصافرة خصما وحكما.

¿¿ في يورو 2016 التي انطلقت أمس بعاصمة الجمال والعطر باريس، أتمنى أن لا تخذل هذه المدينة قانونها الصاخب في الموضة والجمال والرائحة الزكية، وتعطي المنتخب الأجمل والأفضل والأحسن «بالإذن من الحبيب مصطفى الأغا» حقه في المعركة الأوروبية الكروية، وألا تمارس الخداع وتستسلم لغدر كرة القدم في بعض الأحيان، وتقدم المؤخر، وتؤخر المقدم، في لحظة مرة ومؤلمة كما هي حالة باريس في الأشهر الماضية.

¿¿ في باريس أيضا تختلط المشاعر، ويكون القلب أخضر (لا تفهموا غلط) فالكثير منا يميل لتشجيع منتخب ما، لكنه يصطدم بشعور غريب عندما يجد نجمه المفضل في فريق ما في الدوريات الأوروبية يلعب ضد اللون المفضل له من القارة العجوز.

¿¿ بصراحة أكثر.. لقد اتخذت قرارا بأنني أشجع المنتخب المنتمي لدولة على قد الحال مثل البرتغال، ليس من أجل «الدون» ولكن تعاطفا مع الدولة التي تعد من أفقر دول القارة العجوز، وأعرف أن هذا المنتخب لن يذهب بعيدا «أعرف بعضكم يقول ودي أصدق..!!» معاكم حق من أجل الدون.. وكفى..!!

9