نعم يرضينا

للكاتب المصري الساخر جلال عامر مقولة عن الانتخابات يقول فيها: “لا تصدق العريس في فترة الخطوبة، ولا تصدق المرشح في فترة الدعاية الانتخابية”.

المقولة تلك قفزت إلى ذهني فجأة وأنا أتابع سيل الأسماء التي يزفها إعلامنا بين الحين والآخر لرياضيين ينوون الترشح لرئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم خلفاً لرئيس الاتحاد الحالي أحمد عيد التي ستنتهي ولايته في مثل هذا الشهر من العام المقبل والتي يصاحبها كثير من التطلعات في أن يكون المرشح القادم هو الأمل في إعادة تحريك الدماء في شرايين التجربة الانتخابية الوليدة التي تكاد تتجلط بفعل الإحباط الذي تسرب للوسط الرياضي والأخطاء التي دفعت ضريبتها الكرة السعودية وما ترتب عليهما من إجماع بفشل التجربة الأولى.

يمكن القول اليوم إنه يحسب لأحمد عيد تسجيل اسمه في كتاب التاريخ الرياضي السعودي كأول رئيس منتخب للاتحاد السعودي لكرة القدم، وهو إنجاز له الحق أن يفاخر به اليوم وهو على سدة الرئاسة وغداً حين يغلق الباب خلفه مسلماً مفاتيح بيت الكرة السعودية للرئيس القادم، لكن لابد من القول في الوقت نفسه أيضاً أنه فشل في مهمته وفقاً لواقع الحال، وقبل ذلك وفقاً لبرنامجه الانتخابي الحالم الذي دغدغ به عواطف الشارع الرياضي حينما سطر أحرفاً وردية فاقعة بإحداث نقلة كروية، وحين وقف إلى جانب منافسه آنذاك خالد المعمر في المناظرة التلفزيونية، فكل ما كتبه (الكابتن) وما قاله لم نرَ منه شيئاً على الأرض التي ظلت تهتز من تحت أقدامه حتى كادت تطيح به غير مرة.

تجربة أحمد عيد المرتبكة بكل ما فيها من تفاصيل لابد وأنها حاضرة اليوم في أذهان من أعلنوا عن رغبتهم حتى عيد نفسه الذي صدمنا بإعلان نيته في الترشح متجاوزاً النظام الأساسي في مادته 32/ 4 الخاصة بتشكيل مجلس الإدارة والتي تنص على أنه (يجب ألا يزيد عمر عضو مجلس الإدارة عن 65 عاما وألا يقل عن 30 عاما)، إذ ينبغي مراجعة التجربة بكل إحباطاتها وعثراتها ونكساتها حتى لا تتكرر المأساة فنظلم الانتخابات كمشروع حضاري بالقياس على فشل أصحابها.

الحقيقة التي لا يمكن تجاوزها أن ثمة أشخاصاً اليوم باتوا ينادون بحتمية العودة لنظام التعيين بل ويذهبون إلى أبعد من ذلك بتحديد هوية المُعين بأن يكون شخصية ذات صبغة اعتبارية محددة، في حين ينادي البعض بالانتخابات لكنهم في ذات الوقت يريدون تفصيلها بمقاسات محددة، وهو أمر يمسخ فكرة الانتخابات كحق مشاع لكل من ينطبق عليه نظامها، وحجتهم في ذلك هو السؤال الذي بات يداهمنا بعد كل أزمة جديدة تعيشها الكرة السعودية هل يرضيكم ذلك؟!

الجواب على ذلك السؤال الملغوم أنه بالطبع لا يرضينا واقع الكرة السعودية اليوم، لكن هذا يمثل نصف الحقيقة، إذ بقدر عدم رضانا عنه، لكننا لم نكن راضين عن واقعها في الاعوام العشرة الأخيرة على الأقل على الرغم أن كرتنا لم تكن خلالها أيضاً ترتدي ثوب الانتخابات، ما يعني بوضوح أننا نتوخى تجربة متكاملة حتى يكون الحكم عادلاً، ولن يكون ذلك إلا بوعي الناخبين وأعني بذلك الجمعية العمومية باختيار الأفضل كفاءة والأكثر قدرة على مستوى الرئيس والأعضاء، وحينها سأكون على ثقة بأن حال الكرة السعودية سيكون أفضل لنهتف جميعاً حينها في وجه ذلك السؤال: نعم يرضينا.

9