إثارة الشرق ومهنية الصحافة

الإثارة مطلوبة في كل المجالات, الأساتذة الكبار في بحوثهم العلمية يعرجون على عناوين مثيرة, مشوقة, معقدة في ظاهرها؛ وفي باطنها عشرات التفسيرات, تلك التفسيرات خاصة بأصحابها المفسرين, ولا يتحمّل مدوّن العنوان سوى الظاهر, بدليل أن أحد المبادئ القضائية في الإسلام الأخذ بالظاهر دون الباطن, ونكهة الصحافة والكتابة تكمن في الإثارة, تزيد في مجال وتقل في آخر, داخل الوسط الرياضي لا يمكن تجاهل عنصر الإثارة, صحيح أنها ليست كل شيء, لكنها شيء, تعطي المادة الصحافية لمحة مثيرة, ولا يُجيد هذا الأسلوب سوى الصحفي المتمرس, الدارس في صفوف الإعلام والصحافة, أما الهاوي, يصعب عليه فهم هذه الإثارة, ناهيك عن استيعابها والعمل عليها, ويمكنك معرفة ذلك من خلال ردّة فعله, حينما تكون متشنجة, خارجة عن إطار اللباقة واللياقة, ثق بأن الهاوي لم يصل حتى لمرتبة هاوي محترف, ما زال في الصفوف الأولى يصرخ أكثر من أن يفكّر ويحلل ويفسّر.
أي عنوان يكون محل إثارة و”شك”, عليك بقراءة تفاصيله, كلّف نفسك قراءة ما تحت العنوان, ستزول بعض تفسيراتك, ستخرج بتفسيرات جديدة تكون أقرب لمعنى العنوان, دع عنك أسلوب المفلس, الذي يتبنى تفسيره الخاص ويناقشك عليه, وينسى المضمون, والجوهر من العنوان, يضيع وقتك, ووقته, ووقت المستمع والمشاهد.
في التنزيل العزيز مصدر لغتنا العربية  ( الأعراف آية 89 رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا ) وأخرى ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) وفي المعجم العربي فَتَحَ أي أَزالَ.
وهناك العشرات, بل المئات من التفسيرات لعنوان صحيفة الشرق الفتية, لكن مشكلة صراخ العقول الصغيرة تغطي على الآراء العقلانية والمتزنة, وتعطي تفسيراتها حق التفسير الظاهر, تنظر من زاوية ضيقة جدًا ” أتمنى لا تكون كملة ضيقة سيئة هنا ” وتخرج بتفسير ضيّق يشبه نظرتها, وتتبناه على أنه الحقيقة, والمقصد, والنية, وتناقشك على هذا الأساس, تحاول إيضاح وجهة نظرك كما فعل إبراهيم العسيري مع العجمة لكن تعجز, لا تستطيع, تقابل صراخ يشتت تفكيرك, وديكتاتورية تنهي الحوار والرأي والموقف!
ولأن للديكتاتورية اليد العليا, وللعقول الصغيرة الصوت الأقوى, سأكتفي بهذه المشاركة, لن أزيد ولا أضيف, لا فائدة من ذلك, فالغلبان لا يمكن له مواجهة ديكتاتورية ضخمة, وسؤالها عن غياب صراخها تجاه مئات العناوين الصحافية, أم أنه يجوز للديكتاتور ما لا يجوز لغيره.
على أية حال, سعدت بالإثارة, وكانت سبب عودتي للكتابة في المجال الرياضي, وصحيفتنا الفتية.
كونوا بخير

11