عقوبة بطعم المكافأة..!

حتى تحفظ قيمة أي شيءٍ يعني لك في الحياة يجب أن تهتمّ به، والاهتمام هنا يتطلّب عدة أشياء، من ضمنها توفير الحماية لهذا الشيء، والحماية هنا قد تكون حسيةً، وقد تكون معنويةً؛ أي أن احتفاظنا بقيمة الشيء يدل على مكانته في نفوسنا، ولو حاول أي شخصٍ التهاون أو التقليل من مكانة هذا الشيء يجب التدخل لإيقافه، وفق ما تسنّه الأنظمة والقوانين، وبهذه الصورة نحفظ هيبة هذا الشيء وقيمته.

وفي تصوري لا يوجد شيءٌ في هذه الحياة أهمّ من الوطن؛ حتى نهتم فيه ونوفر له الحماية الكافية في كل جوانب الحياة، وبما أن الأمر هنا يخصّ الرياضة، فيجب أن يكون الحديث له مناسبةٌ تدخلنا في صلب الموضوع لمناقشة تفاصيله، ففي رياضتنا لا يوجد أهم من رياضة الوطن، والتي تقتصر على التمثيل الخارجي في كل المحافل الدولية والقارية والإقليمية، بمعنى أن أيّ لاعبٍ يُختار في أي لعبةٍ ليمثل الوطن فهو يُعتبر في مهمةٍ وطنيةٍ لخدمة وطنه؛ لذا من المهم أن يظهر بالمظهر المشرّف الذي يرفع من سمعة الوطن، ويحقق ما يستطيع من إنجازاتٍ تفيد الوطن، والمهم عادةً في التمثيل الخارجي وقبل تحقيق أي منجزٍ هو الشكل العام للمواطن السعودي، فهذا اللاعب يمثل نموذجاً حياً للشعب السعودي خارجياً، وأي تصرّف منه سواء كان إيجابياً أو سلبياً يعطي انطباعاً مبدئياً عن بقية الشعب؛ لذا كل لاعبٍ يمثل منتخباتنا في كافة الأنشطة الرياضية خارجياً يجب أن يقدم نفسه بالشكل الذي يليق بالمملكة العربية السعودية.

أما في حالة التجاوز فيجب أن يكون هناك قانونٌ ومسؤولٌ يقوم بتطبيق هذا القانون، والهدف منه حماية سمعة هذا الوطن، ولعل حادثة ثلاثي المنتخب الذي صدرت في حقه عقوبةٌ مخجلةٌ من اتحاد الكرة خير مثالٍ يمكن أن يوضح تفاصيل الفكرة من هذا المقال؛ أي أن ما قام به لاعبو المنتخب من سوء تصرّفٍ أثناء معسكرهم مع المنتخب السعودي في ماليزيا كان يحتاج عقوبةً صارمةً، فهنا المقصد من الحماية المعنوية التي أشرت إليها في بداية مقالي.

إن اتحاد الكرة هو مَن أضعف من قيمة المنتخب السعودي ومكانته، عندما أصدر هذه العقوبة البسيطة، والتي ربما يعتبرها الثلاثي المعاقب مكافأةً له بعد إراحته من الانضمام إلى المنتخب السعودي، وبالتأكيد لن يكون تأثيرها كبيراً عليهم لأسباب كثيرة، أهمها الراحة، وأسباب أخرى لها علاقة بالأندية وبالنواحي المادية والاحترافية؛ لهذا كان الهجوم على اتحاد الكرة من أغلب النقاد الرياضيين مبرراً، فاتحاد الكرة لم يقدم الحماية الكافية التي تحفظ أهمية المنتخب السعودي، وربما لن يتردد أي لاعبٍ لا يريد البقاء في المنتخب من عمل نفس التصرّف الذي صدر من الثلاثي الذي تمّت معاقبته بعقوبةٍ، أقلّ ما يقال عنها تهريجٌ واستخفافٌ بقيمة المنتخب السعودي..!!

كان من الواجب أن يتناسب العقاب مع أهمية المنتخب السعودي وحجمه، ولا أظن أن الأمر سيتوقف عند هذا الحدّ، فلو ثُبتت هذه العقوبة في لوائح إدارة المنتخب السعودي لكرة القدم فإن الأمر سيتكرر، عندها لن يستطيع أحد أن يطالب بعقوباتٍ أكبر، ولو صدرت عقوبات أكبر لن يستطيع أحدٌ إقناع المشجع السعودي أنّ ما حدث ليس فيه ظلم طالما العقوبات قد تباينت..!

لهذا فالقوانين المرتبطة بالعقوبات التي تحمي قيمة الأشياء يمكن تعديلها حتى تتوافق مع قيمة الأشياء الثمينة والغالية، ولا أظن أنه يوجد ما هو أهم وأثمن من الوطن وسمعته..!!

ودمتم بخير،،،

9