” البكر ” اخر جيل العباقرة في التعليق

يعقوب آدم* يحسب للمعلق المخضرم والاعلامي المهني الغيور محمد البكر انه قد اقتحم مجال التعليق التلفزيوني والاذاعي في عصره الذهبي ووسط خصم هائل من المعلقين الافذاذ الذين كان المايكرفون يتشرف بجلوسهم خلف دهاليزه امثال الراحل زاهد قدسي ومحمد عبد الرحمن الرمضان وعلي داؤد وغيرهم من جيل العباقرة في زمن التعليق الجميل ولم يكن من السهل على المعلق البكر ان يجد له مكانا بين اولئك العمالقة الأفذاذ من جيل المعلقين المتميزين الذين كانوا يمثلون قمة النضوج العملي من خلف المايكرفون فكيف لمعلق جديد متوثب ان يجد له مكانا بين هولاء العمالقة الكبار ويكفي لكي ندلل على صعوبة المهمة وخطورتها ان نقول بان المعلق البكر قد قال في ليلة تكريمه بانه قد جلس سبع سنوات يحاول ويعيد الكرة مرة واثنتين وثلاث ورباع دون ان يتسلل الياس الى قلبه برغم الاحباط الذي يلاقيه من لجنة القبول التي كان يصطدم برفضها وتعنتها ولكن ذلك الرفض وذلك التعنت كان يزيده الحاحا واصرارا على التعلق بهواية التعليق التي عشقها منذ نعومة الاظافر فلم بدع للياس مكانا ليتسلل الى قلبه فكان الصبر والمثابرة والتعلق بالخيط الرفيع الا ان جاءه الفرج من بين براثن الرئيس العام لرعاية الشباب الامير الراحل فيصل بن فهد راعي الرياضة الاول وباني نهضتها الذي استمع اليه بالصدفة وابدى اعجابه به وبقدراته وملكاته الصوتية وتسال باريحيته المعهودة عن ذلك المعلق وهل هو مصنف من بين المعلقين المعتمدين في التلفزيون السعودي ولما كانت الاجابة بالنفي كانت الكلمة لامير الرياضة الراحل باعطاء الضوء الاخضر للبكر لكي يبدا مشوار الأنطلاق خلف المايكرفون ليكتب البكر فصول متعددة من الابداع في مجال التعليق الرياضي استمر ستة وثلاثين عاما قدم من خلالها عصارة الفكر والموهبة الخلاقة التي حباه الله بها فكان ان كون لنفسه شعبية جماهيرية طاغية تعدت حدود الاقليمية الضيقة وامتدت الى كل دول العالم بعربها وعجمها ليرسم البكر بصماته في مجال التعليق ويسطر اسمه باحرف من نور في سجلات المعلقين السعوديين الذين اثروا مجال التعليق فنا وفكرا وخبرة وفاكهة.

* وعلى صعيد العمل الاعلامي التحريري فقد اسعدتني الظروف بالعمل معه في جريدة اليوم لفترة اعتز كثيرا بها برغم قصرها وهي الفترة التي اعقبت توليه لمقاليد القسم الرياضي في جريدة اليوم خلفا لاستاذنا الجليل مبارك الدوسري واحقاقا للحق حريا بي ان اقول بانني وبرغم تقدمي على البكر في هذا المجال الا انني وللامانة اعترف بأنني تعلمت منه الكثير من العبر والدروس الاعلامية فيما يتعلق باصول المهنة سوى ان كان ذلك من حيث الخبر وصياغته او من حيث كتابة التقرير وادارة الحوارات واللقاءات الصحفية ولعلى اهم ماتعلمناه من ابو اريج تركيزه على التحرر من اساليب الفبركه واستقراء الاحداث قبل وقوعها فقد تميز بخاصية التحقق من المعلومة الخبرية قبل نشرها ووصولها الى اعين المتلقي ولذلك خلت مسيرته الطويلة في بلاط صاحبة الجلالة الصحافة من المشاكل والاحتقان الذي يعكر صفو العمل الاعلامي بسبب الاخبار المفبركه والسبق الصحفي المزيف لانه كان يؤسس العمل ويجبر العاملين معه على الانضباط والتمسك باصول المهنية منعا للحرج والوقوع في شراك الاعذار وترضية زيد على حساب عمر.

* بقى ان اقول بان ليلة تكريم ابو اريج قد كانت استفتاء كبير وشامل للمكانة الكبيرة التي يحتلها هذا الاعلامي الرمز في قلوب الرياضيين فقد تسابق الرياضيين ونجوم المجتمع بكل الوان طيفه لتكريمه ورد الوفاء لأهل العطاء فكانت بحق ليلة من ذات الليالي اكدت وبما لايدع مجالا للشك بان اهل الوسط الرياضي في هذا البلد المعطاء سباقين دائما لرد الدين لمن اعطى واجزل العطاء ولذلك لم يكن غريبا ان يتواجد في حفل التكريم امير الشباب بقامته المديدة الامير الانسان عبد الله بن مساعد والذي اضفى على ليلة التكريم الزخم الابوي والروحي وهو يثني على كل ماقدمه البكر من جلائل الاعمال على الصعيدين الاعلامي والتلفزيوني كما كان لتواجد الاستاذ منصور الخضيري بعدا اخر وهو يلقي تلك الكلمة الرصينة والتي اعطى فيها للبكر مايستحقه من اشادة وتقريظ ولن انسى تواجد الزميل الاعلامي المعتزل ابراهيم الفريان الذي كان يمثل فاكهة الحفل بكل ماتحمله هذه الكلمة من معاني ومدلولات وللامانة فانني اقول بانني لم اشهد من قبل حفل تكريمي بمثل هذه الصورة الجمالية الرائعة ومحبي البكر يتوافدون لحفل التكريم من كل مناطق المملكة ومن كل دول الخليج متكبدين المشاق لمشاركة الاستاذ الجميل الاجمل محمد البكر في ليلة تكريمه وهو بترجل عن صهوة جواده فهنيئا لك استاذ الجيل بهذا الحب وذلك التقدير وذلك الوفاء الذي أنت أهلا له والشئ من معدنه لايستغرب”

19